أبرشيّة البترون المارونيّة تتهلّل بكاهن جديد بوضع يد المطران خيرالله

تيلي لوميار/ نورسات
منح راعي أبرشيّة البترون المارونيّة المطران منير خيرالله الشّمّاس إدغار الياس حرب الدّرجة الكهنوتيّة، في قدّاس إلهيّ ترأّسه في كنيسة سيّدة الانتقال- تنّورين الفوقا، بحضور لفيف من الكهنة وعائلة الكاهن الجديد وممثّلين عن الجمعيّات الكنسيّة.
خلال القدّاس، ألقى خيرالله عظة على ضوء شعار الكاهن الجديد “تكفيك نعمتي” (2 قور 12/9)، قال فيها:

“فرحتنا كبيرة اليوم بأن يقبل ابن تنّورين الشّمّاس إدغار الياس حرب نعمةَ الكهنوت الّتي يهبها الله عطيّة لأبرشيّتنا في كنيسة سيّدة الانتقال تنّورين الّتي نحتفل بيوبيلها المئويّ هذه السّنة.

أيّها العزيز إدغار،

تقدّمك رعيّة تنّورين إلى الكهنوت لخدمة شعب الله وقد اختارك الرّبّ يسوع، الكاهن الأوحد والأبديّ، ودعاكَ ليُشركك في كهنوته الخِدَميّ، وقال لك كما قال يومًا لسمعان بطرس: يا إدغار أتحبّني؟ إرعَ خرافي وابذل ذاتك في خدمة شعبي الّذي أئتمنك عليه.

والكهنوت هو أوّلاً وآخرًا خدمة في التّضحية والتّجرّد والعطاء في الحبّ المجّانيّ، على مثال الرّبّ يسوع الّذي جاء ليَخدم لا ليُخدم ويبذل ذاته فداءً عن الجميع.

وأنت تقول له: نعم يا ربّ أنت تعرف أنّي أحبّك، وأتبعك إلى حيث تذهب، لكنّي ضعيف.

فيقول لك كما قال لبولس: “تكفيك نعمتي!”.

هذا هو الشّعار الّذي اخترته لخدمتك الكهنوتيّة.

وأنت على يقين أنّ نعمة الرّبّ تقوّيك وتمنحك الجرأة على مواجهة تحدّيات خدمتك الكهنوتيّة، وبخاصّة في الظّروف الكارثيّة الّتي تمرّ على شعبنا في لبنان، ولكنّها مفعمة بحبّ الله لك وبحبّك له. لذا فأنت لن تخاف ولن تتراجع، وستضع كلّ ثقتك بالمسيح الّذي اختارك.

وهذا ليس جديد عليك. فأنت ابن عائلة مسيحيّة من أرض تنّورين المباركة الّتي أثمرت للكنيسة الكثير من الدّعوات الكهنوتيّة والرّهبانيّة، وللمجتمع وللوطن العديد من الشّخصيّات المرموقة.

نَقَلَ إليك والداك الإيمان بالله والتّسليم الكامل لمشيئته، وربّياك مع شقيقك وشقيقتيك على القيم المسيحيّة والإنسانيّة وعلى تقاليد تنّورين وكنيستنا المارونيّة. وفي سكنك مع العائلة في جدّايل حافظت على التزامك الرّوحيّ والكنسيّ، والتزمت مع جماعة “الأبانا”، التي تأسّست في عمشيت مستلهمةً مواهب الرّوح القدس، وفيها اكتشفت دعوتك.

وبعد دروسك المهنيّة وتخصّصك الجامعيّ في المحاسبة، وخبرتك في العمل المحاسبيّ، قرّرت تلبية دعوة الرّبّ وفاتحتني بالأمر. فوجّهتك إلى الإكليريكيّة البطريركيّة المارونيّة في غزير الّتي دخلتها في أيلول 2013.

وقلتَ لي يومذاك: “سأحاول أن يكون يسوع دومًا محور حياتي.”

وبدأت مسيرة التّنشئة ملتزمًا بالكامل في حياة الجماعة وبتطوير ذاتك روحيًّا وكنسيًّا وإنسانيًّا وثقافيًّا في المدرسة الإكليريكيّة وفي كلّيّة اللّاهوت في جامعة الرّوح القدس الكسليك.

وفي خلال التّنشئة كانت لك محطّتان طبعت روحك الرّسوليّة، وذلك عندما قرّرت إدارة الإكليريكيّة في غزير انتدابك لرسالة إنسانيّة في حزيران 2017 إلى الهند وفي حزيران 2018 إلى أثيوبيا مع أخوات الأمّ تيريزا. وهذه الخبرة أعطتك دفعًا رسوليًّا للخدمة، فالتزمت مع إخوتك الإكليريكيّين في الفريق الرّسوليّ الأبرشيّ في مخيّمات رسوليّة في رعايا الأبرشيّة، وفي خدمة رعائيّة بدايةً مع الخوري بطرس فرح في رعايا بجدرفل وكفيفان وتولا، ثمّ لأربع سنوات مع الخوري شربل خشّان في رعيّتي اجدبرا وتحوم.

أمّا الملاحظات الّتي كانت تردنا من إدارة المدرسة الإكليريكيّة فكانت تشدّد على أنّك: “رجل رصين، متّزن نفسيًّا وثابت ومستقرّ، تعيش بسلام داخليّ، خدوم بصمت، جدّيّ ومثابر ومسؤول، وعندك روح الشّراكة والهمّ الكنسيّ”. ولاحظوا أنّك تطوّرت كثيرًا في خلال سنوات التّنشئة على المستوى الرّوحيّ والفكريّ والثّقافيّ، وعلى مستوى الدّعوة. فبينما دخلتَ الإكليريكيّة مع قرار أن تكون كاهنًا متزوّجًا، تحوّلتَ إلى تكريس ذاتك بالكامل إلى الخدمة في الكهنوت لتكون كاهنًا عازبًا، وذلك كان “نتيجة مسيرة روحيّة ونعمة من الله”، كما قلت لي.

وبعد رسامتك الشّدياقيّة، طلبتُ إليك الانتقال إلى رعيّة تنّورين الفوقا حيث رافقك، بكلّ محبّة وروح أبويّة، الخوري بيار طانيوس خادم الرّعيّة والنّائب العامّ اليوم. وإكتسبت خبرة رعائيّة ستكون لك خيرَ معين في خدمتك الكهنوتيّة المقبلة.

وتقديرًا لاختصاصك وخبرتك، انتدبناك لتكون معاونًا للخوري شربل خشّان القيّم الأبرشيّ في المحاسبة، وقلت لي إنّك “تعرّفت على الواقع المادّيّ المتواضع للأبرشيّة، واكتشفت كم أنّ شعبنا يحبّ كنيسته ويتكرّم عليها بالرّغم من الظّروف الاقتصاديّة الخانقة.”

إنّي سأمنحك بعد لحظات، وبفعل موهبة الرّوح القدس الّتي ستنالها منّي أنا خليفة الرّسل وبوضع يديّ الحقيرتين، سرّ الكهنوت وأسلِّمك الخدمة الكهنوتيّة، أيّ وديعة التّعليم والتّقديس والتّدبير، الّتي ستخدم فيها أبرشيّتك.

ولكي تنجح في تأدية خدمتك، لا بدّ لك أن تعي أنّ كهنوتك ينبع من كهنوت المسيح ويكوّن فيك وثاقًا جوهريًّا مميّزًا يربطك بالمسيح من خلال الأسقف ويجعل منك صورة حقيقيّة له وممثّلاً له في رعاية شعبه. (راجع البابا القدّيس يوحنّا بولس الثّاني، أعطيكم رعاةً، عدد 12، والمجمع البطريركيّ المارونيّ، النّصّ السّابع، عدد 22).

إنّي أدعوك إذًا إلى أن تُعمّق اتّحادك الرّوحيّ بالمسيح لكي تكون علامةً لحضوره في حياتك وفي العالم، وأن تشدّ ارتباطك الكنسيّ بالأسقف وبإخوتك الكهنة الّذين ستدخل معهم في الجسم الكهنوتيّ الّذي يجمعكم حول الأسقف.

في حياتك الرّوحيّة لا تنسى الصّلاة لكي تبقى في تواصل دائم مع الله وفي علاقة مميّزة مع يسوع المسيح. لا تنسى أن تتغذّى كلّ يوم من كلمة الله.

ولا تكتفي بالاحتفال بالإفخارستيّا، وهي قمّة حياتك الكهنوتيّة، وبالأسرار، بل حاول أن تعيش حضور الله في حياتك وفي تواصلك مع النّاس.

لا تنسى أنّنا مدعوّون إلى القداسة لنكون كهنة قدّيسين، وبخاصّة في البترون أبرشيّة القداسة والقدّيسين.

في خدمتك الرّاعويّة، حاول دومًا أن تجمع النّاس، وأن تكون عندك محبّة خاصّة للفقراء والمهّمشين والمرضى، وقد أحببتَ خدمتهم.

عِشْ بالفقر والتّجرّد ولا تتهافت وراء المال. ولتكن حياتك شهادة للمسيح الّذي افتقر ليغنينا وتواضَعَ ليرفعنا.

إنّي أصلّي من أجل أفراد عائلتك، الحاضرين منهم والّذين لم يستطيعوا أن يحضروا من أستراليا ومن فرنسا، ومن أجل بلدتك تنّورين والرّعايا الّتي خدمت فيها، ومن أجل جميع الّذين تعبوا في تنشئتك الإكليريكيّة في غزير وفي جامعة الرّوح القدس الكسليك والّذين رافقوك في الأبرشيّة.

أستودعك محبّة الله وأسلّمك إلى شفاعة العذراء مريم وجميع قدّيسينا لتتفانى في الخدمة في سبيل بنيان البيعة المقدّسة وتمجيد الثّالوث الأقدس. آمين.”