قمة مجموعة العشرين: مشكلات حقوق الإنسان في السعودية تخيم بظلالها على القمة

Getty Imagesظلت المملكة العربية السعودية تتعرض لانتقادات شديدة تتعلق بملف حقوق الإنسان فيها

بالنسبة للمملكة العربية السعودية التي تبدو استضافة قمة مجموعة العشرين (التي اختتمت أعمالها مساء الأحد)، التي تضم اكبر الاقتصادات في العالم ، لحظة فخر وطنية، لكنها بالنسة لناشطي حقوق الإنسان في عموم العالم مثار قلق وعدم ارتياح.

فالدعوات التي ارتفعت لمقاطعة القمة تحولت مع انعقادها إلى حض لقادة مجموعة العشرين على انتهاز هذه الفرصة لممارسة الضغط على السلطات السعودية.

ونسلط الضوء هنا على ثلاث قضايا أساسية شغلت جماعات حقوق الإنسان في هذا الصدد.

سجن النساء الناشطات

تعد لجين الهذول أبرز نموذج لمجموعة من النساء الناشطات اللاوتي اعتقلن في عام 2018. وقد تعرضت للضرب والصعقات الكهربائية وهددت بالاغتصاب، بحسب إفادة عائلتها.

وكانت الهذول البالغة من العمر 32 عاما معارضة بارزة لهيمنة الرجال السعوديين على نظام القيادة في المملكة، ونظمت حملات من أجل السماح للنساء بقيادة السيارات في السعودية – وهو الحق الذي كفلته السلطات السعودية للنساء في يونيو/حزيران 2018، بعد اعتقالها مباشرة.

وتقول السعودية، التي تنفي تهم ممارسة التعذيب، إن رئاستها لقمة مجموعة العشرين تعد “التزاما قويا بمواصلة زخم” تمكين النساء والفتيات في عموم العالم.

بيد أنه ومع انعقاد القمة، ما زالت لجين الهذول، التي سبق أن صنفتها مجلة تايم بوصفها واحدة من أقوى النساء العربيات، في السجن وقد ضعفت وهزل جسمها جراء الإضراب عن الطعام الذي شرعت به الشهر الماضي مطالبة بالسماح بزيارات عائلية منتظمة لها.

وأُفيد أن طلبا تقدمت به للعمل في الأمم المتحدة قد استخدم دليلا ضدها.

وقد قدمت البارونة هيلينا كينيدي، محامية حقوق الإنسان البريطانية، تقريرا عن اعتقال النساء الناشطات، ومن بينهن الهذول.

وتقول إن السجينات “محتجزات في ظروف مزرية وفي أوضاع مُجهدة ويتعرضن لتعسف وإساءة معاملة جنسية”.

وقد كتبت منظمة العفو الدولية (أمنستي انترناشنال) لرئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون هذا الأسبوع مطالبة إياه باستخدام منصة مجموعة العشرين للمطالبة بإطلاق سراح ناشطات حقوق الأنسان المعتقلات.

وتقول كيت ألين، مديرة المنظمة في بريطانيا: “يجب أن يُثير رئيس الوزراء الخداع السعودي في هذا الصدد. انتم (السعوديون) تقولون إننا ملتزمون بحقوق النساء، طيب أرونا ذلك، أطلقوا سراح أولئك النسوة”.

ورد متحدث باسم الحكومة البريطانية قائلا: “نحن نُثير بشكل منتظم هذه المخاوف بشأن اعتقال المدافعين عن حقوق الإنسان مع السلطات السعودية، وبضمنها ما يتعلق بهذه الحالات”.

  • قمة مجموعة العشرين: منظمات حقوقية تدعو للضغط على السعودية لإطلاق سراح سجناء الرأي
  • مجموعة العشرين: ما هي وما الذي يبحثه قادتها خلال قمتهم؟
  • ناشطات وسجينات سياسيات تعرضن “للاعتداء الجنسي والتعذيب في سجون السعودية”

وأضاف ” وقد دعونا مع الشركاء في الأمم المتحدة مؤخرا إلى إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين في المملكة العربية السعودية”.

بيد أن السعوديين يقولون إنهم لن يسمحوا للعالم الخارجي أن يمرر حكما عبر محاكمهم. إذ قال وزير الدولة للشؤون الخارجية عادل الجبير لبي بي سي “قضاؤنا مستقل. ولا نسمح لأناس بإلقاء محاضرات علينا أو توجيهنا بشأن ما يجب أو ما لايجب أن نفعله- مثلما نحن لا نقول للناس في المملكة المتحدة أو أمريكا أو في أماكن أخرى ما يجب أو ما لا يجب عليهم فعله”.

جريمة قتل مروعة

تسبب قتل الصحفي جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في اسطنبول عام 2018 في حالة من الصدمة والاشمئزاز حول العالم وأزمة دبلوماسية قصيرة.

وكان خاشقجي قد تعرض للخنق وقطعت أوصاله من قبل فرقه اغتيال سعودية. وصدرت أحكام بحق ثمانية رجال بعد محاكمة قوبلت بإدانات واسعة لفشلها في محاسبة مدبري جريمة القتل.

وقد بُرئ سعود القحطاني المستشار المقرب من الحاكم الفعلي للبلاد محمد بن سلمان.

وكان المستشار نفسه حاضراً في قضية تعذيب الناشطة لجين الهذلول، وفقاً لأسرتها.

فقد أخبرت أسرتها بأن القحطاني هدد باغتصابها وقتلها وإلقاء جثتها في مياه الصرف الصحي.

وتتهم منظمة هيومان رايتس ووتش السلطات السعودية بـ”تبييض” انتهاكاتها.

الصحفي السعودي جمال خاشقجيGetty Imagesصُدم العالم بتفاصيل مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي

وقالت المنظمة: “بعد مرور عامين على جريمة القتل الوحشية التي طالت الصحفي جمال خاشقجي على يد عملاء سعوديين لم تتم محاسبة كبار مسؤولي الدولة المتورطين”.

وأضافت: “منذ ذلك الحين أنفقت السعودية مليارات الدولارات لاستضافة فعاليات ترفيهية وثقافية ورياضية ضمن استراتيجية متعمدة لصرف الانتباه عن صورة الدولة كبلد منتهك لحقوق الإنسان على نطاق واسع”.

ودعت مقررة الأمم المتحدة الخاصة التي حققت في جريمة القتل، أنييس كالامار، دول مجموعة العشرين لاتخاذ موقف أخلاقي.

وقالت خديجة جنكيز خطيبة خاشقجي لبي بي سي:”الحقيقة هي أنه يجب ألا يكون أي بلد قادراً على شراء مخرج له من المحاسبة”، مضيفة أن استمرار دول مجموعة العشرين في التعامل مع السعودية أمر غير مقبول.

وشددت على القول : “عليهم أن يفعلوا شيئا. أريد العدالة، ليس فقط لنفسي، أريد العدالة للنساء المعتقلات أيضا. أريد أن يطلق سراحهن”.

وتقول الحكومة البريطانية إنها طالبت مراراً بتحقيق العدالة في “الجريمة الشنيعة”.

ويعد سعود القحطاني واحداً من 20 سعودياً تشملهم عقوبات بريطانية من بينها حظر السفر وتجميد الأصول لكونه ” مسؤولاً بارزاً خطط وأمر بتنفيذ عملية القتل عن طريق فريق مؤلف من 15 رجلا”.

حرب بلا نهاية

تسبب الصراع المستمر منذ خمس سنوات بين السعودية والمتمردين في اليمن في اندلاع ما وصفته الأمم المتحدة بأسوأ أزمة إنسانية في العالم، ويواجه الطرفان اتهامات بارتكاب جرائم حرب محتملة.

قمة مجموعة العشرينGetty Imagesقمة المجموعة في اليابان العام الماضي

وتتصاعد حصيلة القتلى في صفوف المدنيين جراء غارات قوات التحالف بقيادة السعودية دعماً للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا .

وأفاد فريق من خبراء الأمم المتحدة في سبتمبر/ أيلول بوقوع ” خسائر مدنية بصورة مستمرة” نتيجة الغارات الجوية على الأسواق والمزارع.

وتشدد السعودية على القول: إنها لا تستهدف مدنيين.

ومن جانبها تسعى منظمة هيومان رايتس ووتش لأن تقوم دول مجموعة العشرين بإقناع السعودية بالسماح بدخول فريق الأمم المتحدة إلى اليمن، وكذلك إلى مقر قوات التحالف في الرياض.

و يقول مدير منظمة انقذوا الاطفال في اليمن كزافييه جوبير”بينما يجتمع قادة العالم في قمة العشرين تحت قيادة السعودية، يعيش الأطفال اليمنيون في رعب داخل بيوتهم إذ تستمر الحرب في جلب الموت لبلداتهم وإخوتهم”.

وناشد دول مجموعة العشرين التي تواصل بيع السلاح إلى السعودية وقف صفقاتها.

فوفقاً لحصيلة أعدتها منظمة أوكسفام الخيرية فإن قيمة الأسلحة التي قدمتها هذه الدول للسعودية منذ انخراطها في الصراع تزيد عن قيمة المساعدات التي قدمتها لليمن بثلاثة اضعاف.

ويقول جوبير: “مبيعات الأسلحة تشعل هذه الحرب المدمرة التي تواصل قتل وتشويه الأطفال في أنحاء اليمن، إذ زادت حصيلة الخسائر في صفوف الأطفال نتيجة الغارات الجوية منذ يونيو/ حزيران الماضي مقارنة بالأشهر الثلاثة السابقة بنحو خمسة أضعاف”.

وكان وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية، عادل الجبير، قد انتقد هذا الأسبوع الحظر الألماني على صادرات السلاح لبلاده، واصفاً الحرب في اليمن بأنها “شرعية”.

وقال لوكالة دي بي إيه الألمانية “يمكننا شراء السلاح من عدد من الدول، ونحن نفعل ذلك. القول بأننا لن نبيع السلاح للسعودية لا يحدث فرقاً بالنسبة لنا”.

هذا الخبر قمة مجموعة العشرين: مشكلات حقوق الإنسان في السعودية تخيم بظلالها على القمة ظهر أولاً في Cedar News.