بين حامات والهري: بسبب الغيرة.. دفش حبيبته الى المنحدر البحري

الساعة السادسة مساء غادرت “س.ع” منزل جدّها في حامات قاصدة محل الكومبيوتر. مرّ ساعات الليل من دون أن ترجع الفتاة أدراجها، وها قد بلغت الساعة الرابعة فجراً. سارع الوالد الى فصيلة درك البترون لإبلاغ عناصرها عن عدم عودة إبنته والتي تعذّر الإتصال بها بسبب إقفال هاتفها.

تمام الساعة السادسة صباحا، عثر مجموعة من الشبان صدفة على الشابة المفقودة عالقة ضمن جب من السنديان على المنحدر المطلّ على البحر، فأعلموا عمليات قوى الأمن الداخلي التي أبلغت بدورها فصيلة البترون الواقع ضمن نطاقها الجغرافي بمكان وجود الفتاة.

على الفور توجّهت دورية تابعة لقوى الأمن الداخلي الى حيث أرشدها إليه الشبان وعثرا على الفتاة، إلّا أنّه ونظراً لصعوبة المكان وخطورته، تمّ الإتصال بالصليب الأحمر والدفاع المدني وطُلبت المساعدة من فوج مغاوير الجيش اللبناني ونجحت عملية سحب الفتاة ونقلت الى المستشفى للمعالجة.

الطبيبان الشرعيان اللذان كشفا عليها، أكدا أنّ “س.ع” تعرّضت لسحجات ناحية الرقبة وتكتم على الجهة الأمامية منها بسبب الضغط عليها، وأنّه لا يوجد أي اعتداء جنسي وأنّ فحوصات الدم والبول جاءت خالية من أي مواد مخدرة أو كحول.

وبدأت التحقيقات، لتبيّن أنّ “س.ع” كانت على علاقة غرامية مع المتهم “زاهر.ص” وأنّ هذه العلاقة انقطعت بعد سفره الى الخارج. وأنّه وفقا لإفادة الفتاة فإن “زاهر” اعترضها أثناء توجهها الى محل الكومبيوتر بسيارة من نوع مرسيدس “ام عيون” وطلب منها الصعود الى جانبه فرفضت، حينها قام برشها بمادة كانت موجودة بزحاجة فأحسّت بدوّار، فجلست أمام السائق فيما كان يجلس ابن عمه المتهم القاصر “ع.ص” الى الوراء، وبعد أن استعادت وعيها وجدت نفسها في منطقة شكا، فنزلت مع “زاهر” من السيارة باتجاه البحر فيما كان القاصر يسير وراءهما، فسمعت “زاهر” يطلب من ابن عمّه خنقها ثمّ وضع يده الأخرى على فمها وأنفها وكان يوجد عليها مادة مثل البودرة أفقدتها وعيها، ولدى استعادتها لوعيها وجدت نفسها عالقة بين الأشجار، وكان الصباح قد انبلج فبدأت بالصراخ والإستغاثة فسمعها بعض الأشخاص.

المتهمان نفيا علاقتهما بالحادث، وما لبث القاصر أن اعترف أن ابن عمّه “زاهر” طلب منه مرافقته للقاء صديقته أمام منزل جدها، ولدى وصولهما أرسل “زاهر” لها رسالة هاتفية للقائه، وقد رافقهما هو في سيارة المرسيدس حيث جلس في المقعد الخلفي، وبعد أن تجاوز السائق نفق شكا، ركن سيارته وطلب من المدعية مرافقته للسير على طريق فرعية مطلّة على البحر، وبقي هو بانتظارهما في السيارة. عاد “زاهر” بعد ربع ساعة مسرعاً وأعلمه أنّه دفش الفتاة من فوق باتجاه البحر وأنّه لا يعرف إن كانت قد لقت حتفها، مشيراً الى أنّ “زاهر” قام بذلك بسبب رفض أهلها تزويجها منه.

تمت مواجهة “زاهر” بهذه الأقوال، فقال أنّه يوم الحادث اصطحب الفتاة الى محلة الهري وسألها عن صور لها مع أحد الشبان، فأخبرته الأخيرة أنّه قريبها ولدى استفساره عن طبيعة العلاقة التي تربطها بالشاب، أجابته بصوت مرتفع أن لا علاقة له بالأمر، فقام ابن عمه بوضع يده على فمها ورقبتها لإخافتها، فبدأت تركض محاولة الهرب فسقطت باتجاه المنحدر المطلّ على البحر ولم يتمكن من نجدتها رغم محاولته ذلك.

أقوال المتهمين المتناقضة حدت الى استجوابهما مرة أخرى، فأكد القاصر “ع.ص” أن “زاهر” كان يعتقد أن الفتاة تخونه مع شخص آخر وأنّه (أي القاصر) وضع يده على فمها لمنعها من الصراخ، فيما قام “زاهر” برمي هاتفها الذي كانت تحاول إرسال رسالة هاتفية منه، ثمّ دفشها الى البحر بذريعة خيانتها له، وأنهما لم يُعلما أحد بتلك الحادثة بسبب خوفهما من افتضاح أمرهما.

أما المتهم فأشار الى أنّه حاول الإستفسار من الفتاة عن ذاك الشاب فأكّدت أنّه قريبها وكان يُعلّمها القيادة، ولدى تكرار الأسئلة عليها بدأت بالصراخ فعمد الى كم فمها نظرا لوجود أشخاص في المحلّة، فعمدت هي الى رمي نفسها ناحية البحر فعلقت في الشجرة، ولما حاول مساعدتها طلبت منه الإنصراف وتركها وشأنها.

محكمة الجنايات في الشمال برئاسة القاضي مارون أبو جودة، أنزلت عقوبة الأشغال الشاقة سبع سنوات ونصف بالمتهم “زاهر.ص” وخفّضتها الى الأشغال الشاقة ثلاث سنوات على أن تًحسم له مدة توقيفه، وأعلنت براءة الحدث “ع.ص” لعدم كفاية الدليل وأدانت الأخير بكتم معلومات وأسقطتها تبعا للإسقاط الشخصي.

لبنان ٢٤