هذا سر صمت باسيل.. العمل على الخطة “ب” بدأ!

كتب طارق ترشيشي في صحيفة “الجمهورية” تحت عنوان ” هل رُفِعَ الغطاء عن لبنان؟”: “عن الحراك الشعبي أيضاً وأيضاً… وفيما لا تتوقف حناجر المتظاهرين عن اطلاق صرخات التعبير عن وجع الناس، بدأت تدبّ في صفوف هؤلاء مخاوف من تسييس حراكهم وحرفه عن مواضعه الشريفة، على يد قوى محلية وخارجية بات يمكن التعرف اليها من خلال بعض الوجوه وما تطلقه من شعارات، في سياق يبدو وكأنه تمّ تعميمه على هذه الوجوه المنتشرة في مختلف مواقع الحراك على الطرق الدولية أو في الساحات.

لا يمكن أحد إنكار واقعية وأحقية ما يرمي اليه المتظاهرون، كما المسؤولون في السلطة، أو غالبيتهم على الاقل، لا ينكرون لهؤلاء ان ما يطالبون به حق، وانّ الوجع الذي يعبّرون عنه موجود ومتراكم منذ عشرات السنين، ولكن نقطة التناقض، بل الاختلاف، بين المتظاهرين وهؤلاء المسؤولين والسلطة عموماً، هي الورقة الاصلاحية الاقتصادية ـ المالية التي أقرّها مجلس الوزراء قبل أيام تحت ضغط الحراك.
السلطة تعتبر أنّ هذه الورقة كافية ليقتنع المتظاهرون بها حلاً للخروج من الأزمة السياسية والاقتصادية ـ المالية ـ المعيشية، فيما هم يتجاوزونها، او يعتبرونها غير كافية ولا تلبي مطالبهم، وانه يجب ان يكون الحل استقالة الحكومة والإتيان بحكومة إنتقالية لثلاثة أشهر تشرف على انتخابات نيابية مبكرة تُجرى على أساس قانون انتخابي وفق النظام النسبي يَعتمِد لبنان دائرة انتخابية واحدة. وينتُج من هذه الانتخابات سلطة جديدة، في اعتبار انّ استقالة السلطة الحاكمة أو إقالتها الآن مستحيلة لكثير من الاسباب والاعتبارات.
حتى الآن ما زال ردّ الحراك الشعبي على الورقة الاقتصادية البقاء في الشارع ورفع منسوب الضغوط لفرض استقالة الحكومة، فتردّ السلطة في المقابل بتسريب معلومات عن نيتّها اجراء تعديل حكومي من باب تعيين وزراء بدلاء لوزراء حزب “القوات اللبنانية” الاربعة المستقيلين، يُضاف اليهم وزيران جديدان. وهنا تُطرح تساؤلات كثيرة حول هوية هؤلاء الوزراء الجدد والى من ينتمون وضمن أي حصة وزارية سيكونون، خصوصاً انّ التعديل سيشمل وزراء مسيحيين ولن يكون بينهم أي وزير مسلم.
على انّ كل من يتحدث عن هذا التعديل الوزاري يتبادر الى ذهنه إسم الوزير جبران باسيل بالدرجة الاولى، حيث تطالب قوى سياسية بتنحيه لاعتقادها أنّ في ذلك ما يطبّع العلاقات بينها وبين رئيس الجمهورية. فهذه القوى ترى انّ باسيل، بما يتخذه من مواقف وخطوات، اصطدم ويصطدم بها وآخرين، وتتهمه بأنّه في مكان ما “عطّل او أعاق” معالجة ملفات خلافية وغير خلافية كثيرة، سواء في قطاع الطاقة وخارجه أو على مستوى أدائه ومواقفه على رأس الديبلوماسية اللبنانية، وكذلك على رأس “التيار الوطني الحر”.
ويقول متابعون، انّ ليس هناك اوهام لدى خصوم باسيل، وحتى لدى القيّمين على الحراك، في انّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في وارد التخلي عن باسيل الذي هو “أقرب الاقربين” اليه سياسياً قبل موقعه العائلي كصهر للرئيس. وفي المقابل فإن حلفاء باسيل يعترفون بأنه يتحمّل جزءاً كبيراً من المسؤولية عن تمادي الأزمة، ويعترفون بأنّ ما يتحكّم بتصرفاته وادائه داخلياً وخارجياً، هو «طموحه الرئاسي» الذي لا يخفيه اينما حلّ. الاّ انّ اهم ما نجح فيه حلفاء باسيل في هذه الآونة، هو انّهم وبالتعاون مع رئيس الجمهورية، طلبوا منه بعد اطلالته الاعلامية الاخيرة التي سبقت اطلالة الحريري بساعات، ان يلتزم الصمت ازاء كل ما يجري، فإستجاب وما زال صامتاً حتى الآن. ولكن ذلك لم يُزِل ما يُعتمل ضده في صدور خصومه، وحتى في صدور كثير من عامة اللبنانيين، حيث يصرّ البعض بشدة على تنحيته، فيما هو ومؤيدوه يرون في الأمر، اذا حصل، نكسة معنوية له تصيبه أولاً كرئيس لـ”التيار البرتقالي”، وتصيبه ثانياً كمرشح لرئاسة الجمهورية، يعتقد انّ حظوظه للوصول اليها “كبيرة”.
إلّا انّ ما رصده المتابعون في خضم الحراك، هو انّ السلطة بدأت تعمل على خطة “ب” في موازاة العمل على تنفيذ الورقة الاصلاحية الاقتصادية”.