“التيار” وإنتخابات شاتين… النأي “على مين؟”

كانت شاتين تاريخياً جزءاً من بلدية تنورين، والعام 2012 إتخذ وزير الداخلية والبلديات آنذاك مروان شربل قراراً بإنشاء بلدية نتيجة مطالبة الأهالي، وتمّ إنشاء أول مجلس بلدي العام 2013 بالتزكية، وفي العام 2016 فاز المرشح سركيس روكز (شقيق النائب شامل روكز) بالتزكية أيضاً، وفي كانون الثاني من العام 2018 صدر قرار مجلس شورى الدولة الذي أبطل بموجبه قرارَ الوزير شربل الصادر العام 2012، قبل أن تحدّد وزيرة الداخلية والبلديات ريا الحسن موعداً للإنتخابات في 27 تشرين الأول الجاري.

وبعد انفصال شاتين عن تنورين، باتت البلدية الجديدة تضمّ نحو 1300 ناخب، من المتوقّع أن ينتخب منهم نحو 700، في حين أن العائلات الكبرى الموجودة هي: مراد – الشاعر، يونس، غوش، طربيه، داغر، الخوري، مطر، ويُسجّل غياب لآل حرب عن هذه البلدة.

معركة شرسة

وتتّخذ المعركة طابعاً شرساً بعد الإتجاه إلى تأليف لائحتين، الأولى برئاسة الرئيس السابق للبلدية سركيس روكز، والثانية برئاسة المحامي وليد يونس.

وفي السياق، فإن البعض يصف هذه المعركة بمعركة “داحس والغبراء” وذلك لعوامل عدّة أبرزها:

أولاً: على رغم محاولات التسييس، فإن المعركة تتّخذ طابعاً عائلياً بعض الشيء، خصوصاً أن شاتين تتألف من عائلات كانت تاريخياً بمعظمها ضدّ الزعامة السياسيّة لآل حرب، وبما أنّه لا وجود لآل حرب في شاتين، فقد أصبحت المعركة داخل العائلات التي كانت تتحالف سابقاً.

ثانياً: شاتين بلدة النائب شامل روكز، وقد حصد رئيس “التيار الوطني الحرّ” الوزير جبران باسيل الرقم الأكبر بين المرشحين في الإنتخابات النيابية، وعلى رغم ذلك يُحكى عن تصفية حسابات بين باسيل وروكز في شاتين.

ثالثاً: موقف “التيار الوطني الحرّ” و”القوات اللبنانية” من المعركة، ففي حين كان الموقف الطبيعي حسب البعض بدعم “التيار” لروكز، فقد اتخذ “التيار” موقفاً ملفتاً وهو الوقوف على الحياد وترك الحريّة للناخبين، فيما تتّجه “القوات” إلى اتخاذ القرار نفسه.

رابعاً: حديث البعض عن تدخلات رئاسيّة في المعركة، وضغط على باسيل من أجل عدم التدخّل وتسجيل هدف في مرمى روكز وإسقاطه بلدياً، خصوصاً أن شاتين تُعتبر أحد معاقل “التيار البرتقالي”.

موقف عون

وقد زاد من الصخب الإنتخابي في شاتين موقف متقدّم لرئيسة الهيئة الوطنيّة لشؤون المرأة اللبنانيّة كلودين عون (إبنة رئيس الجمهورية وزوجة العميد شامل روكز) من الإنتخابات، حيث أرسلت رسائل صوتيّة عبر الوتساب إلى أهالي شاتين قالت فيها: “معكم كلودين عون، وأريد أن أبدي رأيي في موضوع الإنتخابات البلدية، فهذه الإنتخابات تحصل ليس لأن أكثر من نصف أعضاء المجلس البلدي إستقالوا مثل كل البلديات، بل تحصل لأن سركيس روكز مؤسّس البلدية، فعندما كان في السنوات الثلاث رئيساً تبيّن أن البلدية لم تُسجّل رسمياً ولم تُنشأ بشكل قانوني، وأنا ساعدت ليصدر مرسوم في مجلس الوزراء بإنشاء بلدية في شاتين، إذاً هذه الإنتخابات لا تجري على أساس إستقالة الأعضاء، لذلك أعتبر أخلاقياً أن ولاية سركيس لم تنته لأنها تبلغ 6 سنوات، وهناك بعض العائلات لم تصوّت لـ”التيار” في الإنتخابات ويريدون أن يقوموا بـ”نكايات” ويخوضوا الإنتخابات، لذلك أتمنّى أن نتضامن مع بعض، ولا نتفاعل مع الناس الذين ليسوا معنا ضد أهل البيت…”. وتضيف عون في رسائلها: “إسم شاتين لم يُدرج على لائحة البلديات التي ستحصل فيها انتخابات، وصدر بيانان ومن ثم بيان في شاتين وهناك من “حركش” لتحصل إنتخابات، الأمر قانوني لأن هناك مرسوماً بإنشاء بلدية لكن هناك نية حرتقة”.

وعلى رغم كلام كلودين عون وتدخّلها المباشر بإلانتخابات ومناشدتها “التيار” تقديم الدعم لروكز، يؤكد النائب شامل روكز لـ “نداء الوطن” أنه لم يتدخّل حتى الساعة في المعركة ويترك الأمور تأخذ مجراها.

وبالنسبة الى تسجيلات زوجته الصوتيّة، يقول: “لا دخل لي، فهي مستقلّة ولديها حرّية التصرّف كما تشاء”.

تصفية حسابات؟

كل هذه الأمور “تُخربط” صفوَ الحسابات الإنتخابية، فمن جهة يتمّ الحديث عن تصفية حسابات بين “التيار الوطني الحرّ” وبعض الفاعليات في شاتين، بعد اتهامات “التيار” بأنّها دعمت في الإنتخابات الأخيرة لائحة تحالف “القوات” و”الكتائب”، ولم تدعمه، ومن جهة أخرى يتمّ الحديث عن تصفية حسابات بين العديلَين روكز وباسيل، ما يفسّر موقف “التيار” الذي يقف على الحياد، وسط امتعاض بعض الكوادر العونية في شاتين من تصرّفات بعض القياديين وعدم دعمهم لائحة روكز.

وفي السياق، يؤكّد مدير غرفة العمليات في اللجنة المركزية لـ”التيار الوطني الحرّ” سايد يونس لـ”نداء الوطن” أن “التيار” لا يتدخّل في الإنتخابات وليس لديه مرشحون، وهو “على مسافة واحدة من روكز ويونس لأن اللائحتين المتنافستين قريبتان منا، وهذا موقفنا الرسمي ولن ندعم فريقاً على حساب آخر”، مشيراً الى “أننا نعمل على التوافق وإذا لم يحصل فلن ندعم أحداً”.

روكز ويونس

وفي هذه الأثناء، يواصل المرشّح سركيس روكز العمل على تأليف لائحته، ويلفت لـ”نداء الوطن” إلى أنها “لم تكتمل، فالمشاورات مع الجميع مستمرّة، وعندما تجهز نعلنها رسمياً”. ويؤكّد أن شقيقه النائب شامل روكز “لا يتدخّل في المعركة، وقد يحصل بعض التباين في وجهات النظر بيننا، وأنا أتّكل على دعم أهل بلدتي، وقرار “القوات” و”التيار” هو عدم التدخّل في المعركة وترك الخيارات للناس”. وعن عدم دعم “التيار” له، يشير إلى أن “المعركة ليست حزبية، وبالطبع فشباب “التيار” هم أبناء شاتين، وبالتالي سيقفون معي حتى لو لم يكن هناك قرار حزبي، والأمر نفسه ينطبق على باقي الأحزاب”. ووسط الحديث عن تحالف بين روكز والنائب السابق بطرس حرب، يشير روكز إلى “أننا لا نتعامل مع المعركة على أساس سياسي، ومن لديه مناصرون داخل شاتين فهؤلاء هم أبناء البلدة ونحن نسعى للمّ الشمل وليس للتفرقة”. وينفي في المقابل أن تكون معركة شاتين هي معركة تصفية حسابات بين باسيل والعميد روكز. من جهته، يواصل المرشّح وليد يونس عمله لتأليف لائحته، وهو يحظى بدعم المرشح السابق للإنتخابات النيابية المهندس نزار يونس، وقد قام باتصالات مكّوكيّة في الأيام الأخيرة ويتردد أنه نجح في حصد دعم مهمّ من عائلة طربيه والمباحثات إيجابية مع عائلات مراد – الشاعر، وغوش وداغر ومطر وبقية المكوّنات.

ويُثني يونس في حديث إلى “نداء الوطن” على موقف “القوات” و”التيار” بعدم الضغط في أي اتجاه، مؤكداً إنفتاحه “على كل المكوّنات في البلدة، فنحن أبناء بلدة واحدة، والإنتخابات يوم ويمرّ”. ويشدّد على أن هدفه “تحقيق التنمية لبلدتنا وعدم الدخول في المناكفات، وقد اخترت الترشّح من أجل خدمة المجتمع، وبالتالي فأنا أراهن على علاقتي الطيبة مع كل العائلات، وهذا هو رصيدي الحقيقي”.

حرب و”القوات”

وحتى الساعة لم يعلن النائب السابق بطرس حرب موقفه من المعركة على رغم كل الأخبار التي تحدّثت عن دعمه للائحة روكز، وفي السياق، يقول لـ”نداء الوطن”: “نتمنّى كل خير لأهلنا في شاتين، ولذلك نعمل على التوافق في البلدة ولا نريد للخلافات البلدية أن تطغى”، نافياً دخوله في أي تحالفات مع فريق ضدّ آخر، ويجزم قائلاً: “إننا مع التوافق، وإن لم يحصل عندها لكل حادث حديث”.

بدورها، تستمرّ “القوات” بمراقبة تطورات المعركة، وهي لم تتّخذ أي موقف حتى الساعة، ويؤكّد رئيس مركز تنورين في “القوات” المحامي بول حرب لـ”نداء الوطن”: “كحزب لم نحسم قرارنا بعد وندرس عملياً كل الخيارات المُتاحة أمامنا، ونتمنّى أن تحصل الإنتخابات بسلاسة وإذا حصل التوافق فهذا يكون أمراً جيّداً، فنحن نحترم كل عائلات شاتين وفاعلياتها، وإذا لم يحصل توافق نتمنّى أن تكون هناك معركة ديموقراطيّة”.

الطعن

وكان المحامي بول حرب تقدّم بصفته الشخصيّة الأسبوع الماضي بطعن أمام مجلس شورى الدولة، وشمل الطعن الأول القرار رقم 1723 الصادر عن وزيرة الداخلية والبلديات ريا الحسن الذي أنشأ بلدية شاتين والطعن الثاني شمل القرار رقم 1732 الذي دعا الهيئات الناخبة . وأوضح حرب أن “الطعن بالقرار 1723 كان بحجة مخالفة قوة القضية المحكوم فيها لأنه أنشأ البلدية بناء على طلب الأهالي عام 2011 وصدر حكم مجلس الشورى الذي أبطل البلدية، من ثم أنشئت البلدية بناء على كتاب2011 وليس بمطالبة جديدة من الأهالي. أما الطعن بالقرار 1732 الذي دعا الهيئات الناخبة، فإن المادة 41 من قانون البلديات تُقرّ بأنه يجب أن تُدعى الهيئات بعد شهرين من إنشاء البلدية، فقد أنشئت البلدية في 24 أيلول الماضي وتمّت دعوة الهيئات في 25 أيلول أي بعد يوم واحد، وبذلك مخالفة لمهلة الشهرين، لذلك في القانون فإن الإنتخابات باطلة، أما في السياسة فنحن في بلد العجائب”.

تأخذ الإنتخابات البلدية في شاتين، بلدة النائب شامل روكز، طابعاً حامياً بعد بروز لائحتين والحديث عن تباعد بين روكز ورئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل بسبب مواقف روكز، وكان آخرها طرحه اسم قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهوريّة.

  •  ألان سركيس –  نداء الوطن