ندوة فكرية من تنظيم مجلس الفكر حول كتاب “الرحالة” للدكتور سامي كليب في عبدللي البترون

رعى وزير الثقافة الدكتور محمد داود داود ممثلا بالدكتورة كلوديا شمعون أبي نادر الندوة الفكرية التي نظمها مجلس الفكر حول كتاب “الرحالة” للدكتور سامي كليب في صالة كنيسة مار جرجس عبدللي في قضاء البترون في حضور ممثل وزير الخارجية والمغتربين النائب جبران باسيل نعمه ابراهيم، رؤسا بلديات ومخاتير، فاعليات سياسية وحزبية، رؤساء وممثلي جمعيات وأندية ومؤسسات، نخبة من رجال الفكر والثقافة بالاضافة الى مؤسس مجلس الفكر حنينا أبي نادر والأعضء.

أبو فخر

بعد النشيد الوطني اللبناني قدم للندوة رامي ابي نادر فكلمة الكاتب والإعلامي صقر ابو فخر الذي رأى أن “هذا الكتاب قل نظيره في الكتابات الحديثة وأن أتابع منذ نحو 30 سنة كل ما يكتب في باب الرحلة والترحال والتجوال وهذا الكتاب اختبار مدهش للحواس وانغمار في مجاهل هذا العالم وغرائبه وصاحبه صحافي مغامر وكاتب ألمعي لا يتردد في تناول الطعام في الاماكن المتربة او شرب حليب النوق فوق رمال الصحارى او أكل الجراد المحمص والمقرمش في الفيافي الحارة…. ” وأضاف:”في معمعان هذه الحياة المتلاطمة، نجح سامي كليب في جعل سني عمره حقولا يانعة للحب وميادين شاسعة لارتياد الآفاق. وفي كتابه هذا يبرهن سامي أنه، فضلا عن انجازاته المهمة في الكتابة البحثية والصحافة والاعلام المرئي، أديب من طراز خاص بل انه أديب متوار. يتألق سامي كليب أسلوبا ووصفا حين يكتب عن الألم الانساني .”

وقال:”كتاب “الرحالة” ليس كتابا عن التجوال والسفر والمشاهدات وسامي كليب ليس مجرد سائح عابر، ففي كتابه يتجاوز أدب الرحلة مع الموسيقى والرقص والثقافة والشعر والسياسة والهجرات وصراعات الأقوام والديانات القديمة والعقائد الجديدة.”

الحوار

ثم كانت مداخلة للدكتورة نوال الحوار فقالت:”قليلة هي الكتب التي تشدك من الغلاف الى الغلاف ولكن كتاب سامي سياحة اجتمع فيها تشويق الروائي مع فضول الصحافي مع لغة الاديب مع دقة المحلل. وكم من قضية كنت أجهل تفاصيلها قدمها لنا في وجبة مركزة كافية شافية… وما لفتني في الكتاب ان سامي كليب الهارب من لبنان وحروبه العبثية حمل بلده معه في قلبه فهو الحاضر أبدا يتذكره في البلدان التي تعاني ويلات الحروب.”

وعرضت لمضمون الكتاب والمحطات التي تناولها الكاتب خلال تجواله وسجلت سلسلة ملاحظات لافتة الى “الحس العروبي الملتزم الذي يشكل الخيط الناظم لتفكير سامي وقد عقد في كتابه اربعة عشر فصلا لبلدان عربية من موريتانيا على المحيط الى البحرين في الخليج كتب عنها بحب وبحيادية وحتى إن قسا مرات فلكي يعيش الحب والاحباب كما يقول نزار قباني.”

واشارت الى “وقوف سامي كليب في كتابه مع الفقراء واعجابه باعتزازهم بأنفسهم حيث علق “غالبا ما تكون نفوس الفقراء أكثر غنى من نفوس الاغنياء… لا علاقة للكرامة والسعادة بالفقر، كم من أثرياء هذا العالم يعيشون مسحوقي الكرامة.”

ابي نادر

أما ممثلة وزير الثقافة الدكتورة ابي نادر وبعد ان رحبت بالحضور قالت:””الرحالة” مؤلف ينتمي الى أدب الرحلات والذي يرتكز على الذاكرة والاسلوب السردي والهدف من كتابته ويحكي أدب السفر عن الشعوب والحضارات وهو مقرون بالمشاعر والانطباعات ووجهات النظر والتعليقات الشخصية.” وأضافت:”نقلنا الدكتور كليب الى عوالم تشبهنا احيانا، او تناقض طريقة عيشنا وتفكيرنا، بطريقة علمية تعكس الواقع، بدون إغفال التحليل التاريخي للمعطى الزمني والجغرافي المحدد. كل مثقف ، كالدكتور كليب صدامي، كما يقول Jean Paul Sartre  ولا يخشى قول الحقيقة. فالبحاثة لا يكتفي بنقل الواقع كعين الكاميرا، بل يلقي الضوء على تاريخ العلاقات الدولية، اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا ودينيا وعقائديا، على البلدان التي يزورها ويعايش انسانها وتقاليدها وحضارتها.”

وتوجهت الى الكاتب بالقول:”دينك ومذهبك وطائفتك وديدنك وقبلة طموحاتك، هي الانسان في كل الأعراق والأجناس والديانات والحضارات ، الانسان الواعي والمثقف والحضاري، والمنزه عن عيوب التخلف الغمائمي والمنغمس في تقوقع التطرف الديني والمغالاة في الحس القومي ورفض الآخر…”

واضافت:”أعجز عن اختصار خمسة وعشرين سنة من السفر في معظم بلدان الكرة الأرضية في عشر دقائق .. أيها القصاص الأوديسي، أيها الراوي الموباساني، أيها الواصف البلزاكي أيها المحب اليسوعي، جراحات المقهورين، والمظلومين والمستبعدين والفقراء ومسلوبي الكرامة وعزة النفس ، حملتها في أسفارك صليبا رزحت تحته طيبتك الممنعة وصالا وعناقا لانسانية هشة، وعالم عربي يتراجع القهقرى على وقع الجهل والتعصب والادعاء، لا يقرأ، وإن فعل، فتبعا، كما تقول “لغرائزه لا بعقله”.”

وختمت:”أيها الشلال المنهمر عطاء، قلت :”لا يمكن لبني البشر أن يحافظوا على هذا الكون الا بالحب والتسامح، وبدوري أقول:”أحب بدون تحفظ، وأبدع أكثر مما تستطيع قدر المحظيين في عين الرب أن ينافسوا الحياة على الحياة.”

كليب

وفي الختام ألقى كليب كلمة شكر فيها “لمجلس الفكر ومؤسسه ورئيسته الدكتورة كلوديا دعوته للمشاركة في ندوة حول كتابي كما شكر لوزير الثقافة رعايته وللوزير باسيل انتداب من يمثله وكل الشكر للحضور وقال:”منذ ولدت بدأت أحلم عندما أنام بأنني أطير فوق المدن ولا أدري من أين كان يأتيني هذا الحلم كلما نمت حتى بتت اتمنى العودة الى السرير وان اخلد الى النوم لكي أحلم بأنني أطير باتجاه السماء واقفز فوق الشجر وأطير فوق النهر والاعب العصافير في السماء ويبدو ان اقدار الانسان مرسومة في مكان وعندما اصبحت في مقتبل العمر بدأت بالسفر الى كل مكان لأكتشف بلدانا وشعوبا وحضارات الى ان جاءت مهنة الصحافة وهي ليست مهنة المتاعب كما يقال بل هي مهنة المتعة فسافرت عبرها للمشاركة في الكثير من التغطيات والجمال في العالم.”

وعرض لمحطات ورحلات عدة بحثا عن أماكن كثيرة ومنها مدفن ابن بطوطة وغيره من المواقع المهمة واللقاءات وقال عندما كنت اكتب اكتشفت كم ان قلبي كان يتسع لكل الانسانية كما ان عقلي اصبح يتسع لكل الحضارات الا أن الاجمل من هذا وذك أنني عندما وصلت الى هذه البلدة الجميلة “عبدللي” واكتشفت سحرها وجمالها وجمال طبيعتها وناسها كتبت شيئا وهو:اني هنا في قلب الحب واني هنا أقرب الى الرب واني هنا في حدائق الطبيعة المعلقة الساحرة واني هنا في مكان جذور السنديان ومهد الصنوبر وأريج الورد وأرض التين والعنب وإني هنا في أصل جمال أفروديت وفي سر ابداع جبران خليل جبران ، اني في “عبدللي” ولا بد ان الطبيعة تقول هنا “إن السحر عبد لي” وإن أردت في هذه الحياة خير صحبة ورفقة فيمن وجهك شطر الايمان وعش برعاية ونعمة “رفقا”، فهنا القداسة والجمال والثقافة والحب رفاق في قلب المحب وهنا ان غابت الشمس في الشتاء ونام الورد بانتظار انبعاث صيف جديد يعوض عن نوم الطبيعة وثبات الشتاء بشمس كلوديا وثمر فكرها ودفء عائلتها وحنينها وتعوض بحرارة هذا المكان الرائع وناسه. هذا لقاء وعهد بيننا كي نبقى دائما معا.”

بعد ذلك قدمت الدكتورة ابي نادر درع مجلس الفكر للدكتور كليب ولخادم رعية عبدللي الخوري انطوان نهرا ثم التقطت الصور التذكارية.