بالفيديو: باسيل افتتح مؤتمر الطاقة الاغترابية في أميركا الشمالية: على لبنان تطبيق العودة التدريجية للنازحين السوريين

 افتتح وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل أعمال المؤتمر الرابع للطاقة الاغترابية في أميركا الشمالية، بحضور أكثر من 800 لبناني قدموا من أنحاء الولايات المتحدة الاميركية وكندا، تقدمهم عدد من اعضاء مجلس النواب ومجلس الشيوخ الاميركيين من اصل لبناني والنائب ميشال معوض، فضلا عن شخصيات بارزة من مختلف القطاعات ورجال وسيدات اعمال ومهندسين وأطباء وبيئيين.

بعد النشيد الوطني لكل من لبنان وكندا والولايات المتحدة، كانت كلمة للسفير اللبناني في واشنطن غابي عيسى. ثم تحدث القاضي جوزيف أبو عكر ونائب وزير العلوم في وزارة الطاقة الأميركية بول دبر. كما قدمت المؤتمر المحللة لشؤون الامن القومي في محطة “سي ان ان” جوليات قيم.

باسيل
وألقى الوزير باسيل كلمة قال فيها: “نجتمع اليوم في LDE، المؤتمر الرابع للطاقات اللبنانية المنتشرة في أميركا الشمالية والخامس عشر في العالم، على أرض الأحلام، الأرض التي كانت وما زالت تستقبل كل طالب علم وكل صاحب طموح، هذه الأرض التي لم تكن تسأل يوما أحدا من أي لون هو أو من أي دين هو أو من أي وطن هو، استقبلت الجميع ومنحتهم الفرص للنجاح”.

وأشار إلى أن “النجاح هو صفة تترافق مع اللبناني، فهو صاحب جينات موروثة من أجداده الذين لم ينتظروا أبدا الصدفة أو الحظ ليطرق أبوابهم، بل كانوا قبل شروق الشمس وبعد صلاة صغيرة، يتسلقون الجبال ويحفرون الصخر ليجعلوا منه تربة خصبة، أو كانوا يبحرون في مركب من صنع أيديهم ليلجوا أعماق المحيطات الكبيرة لاكتشاف أراض جديدة واحتضان حضارات واعدة”، وقال: “هذا اللبناني حزم حقيبته وتحمل مخاطر السفر وصعوبة الغربة والبعد عن الأهل والأصدقاء، فوصل الى شواطىء أميركا، وحل في الشرق والغرب وفي الشمال والجنوب وفي الوسط الأميركي، وساهم في صعود صناعة السيارات في ديترويت، وفي استخراج النفط في تكساس، وفي تطور الطب في كليفلند، وفي وصول ناسا ومعها الإنسانية الى القمر، وساهم في تكوين “السيليكون فالي” في كاليفورنيا، وفي ولادة الرابطة القلمية في بوسطن، فكان فكر جبران خليل جبران وشعر ايليا أبو ماضي، وأثبت أنه ناجح في كل مضمار، وأنه المبدع والمفكر والخلاق”.

أضاف: “أنتم اللبنانيون، التجار منكم والمهندسون والمقاولون والمديرون والأكاديميون والمصممون، أحببتم الولايات المتحدة، كما لبنان، واندمجتم في مجتمعها خير إندماج. فتحت أياديها لكم فحضنتكم وحضنتموها، وفرت لكم الفرص فاستغليتموها الى أقصى الحدود، حافظت لكم على عاداتكم اللبنانية وحقكم في استعادة هويتكم فاستعيدوها، عشتم لبنانيين في الغربة وحولتموها الى وطن ثان لكم، فحافظوا على بلدكم الأول واحضنوه. لبنانكم وطن مبارك، ونحن نعيش فيه، ولو لم نكن كاملين، إنما نعيش تحت راية المثل العليا ولو لم تكن مكتملة”.

وتابع: “اليوم، دوركم كبير هنا ومساهمتكم واضحة في ازدهار أميركا، ولكن وطنكم الصغير يفتخربكم، وهو يواجه التحديات على أبواب مئوية لبنان الكبير وبحاجة الى كل جهد للانتقال الى مئويته الثانية. دوركم كبير هنا، ويجب أن يكون كبيرا في لبنان أيضا، وأن تكونوا واثقين فيه غير مترددين. حلمكم في أميركا لم يكن قصة خرافية من قصص “والت ديزني”، بل كان طريقا شاقا مليئا بالأشواك واستحققتم أن تعلنوا في نهايته “لقد صنعنا مصيرنا”، وعلى لبنان أن يصنع مصيره من خلالكم وخلالنا. واللبنانية lebanity وهي رابطة انتمائكم تتطلب المحافظة عليها، وهي تتطلب تصويتكم في الإنتخابات النيابية المقبلة واستعادتكم لجنسيتكم، لكي تحافظ هي على مفهومها الحضاري، إلا أن فرصة استعادة الجنسية ليست وقتا متاحا الى ما لا نهاية، فالقانون كلفنا سنوات من النضال لإصداره وهو محدود في الزمان، وقلت لكم سابقا إن لبنان بحاجة اليكم، فهل فكرتم يوما أنكم أنتم بحاجة اليه أيضا؟”.

وسأل: “هل أنتم واعون أن مئات الآلاف من الغرباء يكافحون لإكتساب ما ليس حقهم؟ يسعون للحصول على الجنسية اللبنانية ويستعملون اللبنانيين لذلك، وهم لن يحصلوا عليها لو مهما جاهدت وكالات دولية، ودفعت دول من ورائها بكل طاقاتها لتجعلنا نقبل بأن يحل اللاجئون الفلسطينيون والنازحون السوريون مكانكم، بدلاء عن أصحاب الحق الشرعي والطبيعي، ولن نقبل مهما زادت الضغوط ومهما إندس المندسون، عنكم بديلا، ولكن عليكم أن تقدموا وتستعملوا حقكم وتحصلوا الجنسية لكم ولأولادكم”.

أضاف: “كلكم تعرفون المصاعب التي فرضتها الأزمة السورية علينا، فحربها تحمل لبنان الكثير منها: أكثر من مليون ونصف مليون نازح على أراضيه وأكثر من ألف مخيم عشوائي بين بلداته، وأكثر من ثلاثين مليار دولار خسارة في اقتصاده، ناهيك عن التطرف والإرهاب الذي استطاع الجيش اللبناني واللبنانيون الانتصار عليه. كل هذه العوامل أنهكت الإقتصاد اللبناني المتعب أساسا من السياسات الخاطئة والفساد، ودفعت المؤسسات العالمية لخفض تصنيفه الإئتماني، فلا يمكن لناتج محلي أن ينمو من دون وجود عامل محلي، ولا يمكن لاقتصاد بلد واحد أن يؤمن حياة شعبين، ولا يمكن لسوق عمل واحد – دفع آباءكم وأجدادكم إلى الهجرة بسبب صغره – أن يتحمل عمال دولتين. لذلك، لا يمكن لهذا الواقع أن يستمر بعد عقد واحد الى عقدين، وعلى لبنان تطبيق العودة التدريجية للنازحين السوريين الى بلادهم، ولا يقنعنا أحد أن ظروف العودة لم تتحقق بعد، فهي تحققت، فاسألوا أردوغان عنها وعن الإتحاد الأوروبي إن لم تصدقوا، وأسألوا وزير داخلية ألمانيا عن صفة النازح عندما يعود الى بلده، واسألوا الرئيس ترامب عن المكسيكيين وعن كل النازحين الى بلاده”.

وتابع: “دوركم كبير كأميركيين متحدرين من أصول لبنانية لحمل قضية لبنان في كل المحافل السياسية الأميركية، وشرح حقيقة لبنان وأهميته، فهو لم يعتد يوما على أحد، بل هو محب للسلام ويريده. لقد قام بواجباته الإنسانية والأخلاقية والقانونية كاملة تجاه الشعبين الفلسطيني والسوري. واليوم، أصبحت العودة ضرورية ولن نرضاها سوى آمنة وكريمة، ولن نرضى أن يبقى مواطنونا في الخارج فيما جيراننا هم في الداخل. ودوركم هو أكبر في الاقتصاد، فكلما استهلكتم ما هو لبناني تعززون صادراتنا وتحمون صناعاتنا وتخففون عجز ميزاننا التجاري”.

وأردف: “زوروا لبنان للسياحة والإستجمام، للعودة الى جذوركم والى مسقط رأس آبائكم، زوروه فتفهموا أكثر من أنتم، وتتوضح أكثر هويتكم. فمهما اغتربتم ومهما اندمجتم ومهما ابتعدتم، تبقى جيناتكم لبنانية وتبقى حماستكم مشرقية ويبقى في داخلكم فينيقي ركب الأمواج بحثا عن الفرص. تذكروا رحلة آلاف السنين وكل المساهمات التي قدمها لبنان كهدية للانسانية والتي تجعل منه البلد الحقيقي لتلاقي الحضارات ومركزا طبيعيا للحوار الإنساني السلمي. عودوا الى أصولكم فمن لا أصل له ولا جذور تبقى حياته سطحية فارغة من عمق التاريخ وعبقه. كونوا كأرز لبنان متجذرين في أرضكم ومتشبثين في انتمائكم الى “اللبنانية” lebanity. وحده لبنان يجمعنا وهو فوق كل إنتماء آخر. فشعب من دون أرض يظل لاجئا، وأرض من دون شعب تبقى مشاعا. ها نحن نعايش مأساة الشعب الفلسطيني منذ أكثر من سبعين عاما، ومأساة الشعب السوري منذ ثماني سنوات، ولا حل لهم ولنا إلا بعودتهم وعودتنا الى أوطاننا والجذور، جذورنا في اللبنانية المشرقية العربية”.

وقال: “لا توطين يفرض علينا وينزع عنا إنساننا، ولا صفقة عقارية تفرض علينا وتنتزع منا أرضنا، بل نحن نفرض حقنا بالحياة المشتركة والحرة على أرضنا، مندمجين إفراديا أينما حللنا ودامجين إفراديا من أردنا. نحن عشاق سلام ورواد تنوع وطلاب إنفتاح. تاريخنا تسامح، حاضرنا تعايش ومستقبلنا تآخ، مسلمين ومسيحيين ويهودا وآخرين، عشنا معا لقرون، ونستطيع العيش معا لدهور لاحقة، إن توافرت لدينا إرادة العيش معا وابتعدنا عن الأحادية ورفض الآخر”.

أضاف: “نحن صانعو إبداع ونجاح، تذكروا إن نسيتم أن حسن كامل الصباح ولد في النبطية جنوب لبنان سنة 1894، درس في الجامعة الأميركية ببيروت، ودرس في جامعة ماساشوستس في أميركا، وامتلك أكثر من أربعين براءة إختراع في الكهرباء. ومنذ أسبوع، تمت إضافة أسماء مجد دهيني وحسن بدران وهادي زين الدين الى لائحة الشرف في موقع فايسبوك، وهم في الواحدة والعشرين من العمر، يأتي هذا في وقت يسيطر فيه العالم الإفتراضي على العالم الواقعي. والتساؤل الذي يطرح نفسه، هل سيحرم هؤلاء الشباب من أن يحصلوا على فرص نجاحهم بسبب أسمائهم في ظل تصاعد التطرف والخوف من الآخر؟ وقد نسي كثيرون جملة قالها الرئيس فرانكلين روزفيلت: “لنتذكر، لنتذكر دائما، جميعنا، أنت وأنا خاصة، أننا متحدرون من أولائك المهاجرين والثوريين”.

وتابع: “نعم، نحن ثوريون، ولن نقبل بالظلم. هجرتم بلدكم بحثا عن الحرية، ولن نسكت نحن عن نقص في الحرية في بلدنا. لن نقبل بأن يمنع عنا حرية الوجود في بلدنا من لجأتم إليه بحثا عن الحرية في بلده. لن نقبل بالظلم ضدنا، نحن الذين نعيش للتنوع لصالح من يعيش للأحادية. نحن راكمنا الحضارات في أرضنا وصدرنا التنوع الى أراضي المعمورة، ولن نرضخ لأحادية دولة أو منظمة. مبدعونا عاشوا لبنان وشموا رائحة لبنان وتذوقوا طعم لبنان ورووا قصصا وأحلاما ما كانت لتكون وتكتب لولا ميزة لبنان وفرادته”.

وأردف باسيل: “حافظوا على لبنان قبلة نجاح ووجهة زيارة وسياحة ومكانا لفريضة صلاة وعبادة. عيشوا اللبنانية وركزوا على مفهوم جديد للبنان، أرض القداسة ومكان للحج لجميع الأديان، وبيئة رائعة للسياحة الدينية ومنتجع للتأمل في سياحة بيئية. أما نحن فسنبقى نعمل لكل السياحات الجميلة في لبنان، والأفعال الصغيرة مجتمعة يمكن أن تحدث فرقا، فنحن لن ننتظر أو نستمع لأي كلام يستهلك وقتنا عبثا أو يؤخر جهودنا، أتى من داخل الحدود أو خارجها، أتى بشكل إغراءات أو ضغوطات، بل سنستمر بالعمل من أجل منتشرينا بوجه كل الصعاب، وبناء الحجر تلو الحجر من دون كلل، مستذكرين عظيما من هذه الأمة، الرئيس جون ف كينيدي الذي قال: “عندما يبدو أن كل شيء يسير ضدك تذكر بأن الطائرة تقلع عكس الريح وليس معه”.

وختم: “أهلي في الولايات المتحدة الأميركية وكندا، أدعوكم لكي تكونوا معنا في تموز 2020 في LDE بيروت لنحتفل بالذكرى المئوية الأولى لإعلان دولة لبنان الكبير. لبنان محفور في عمق التاريخ البشري وسيبقى شعلة مضاءة في مستقبل الإنسانية. لبنان أحبكم وأنتم أحببتموه، ووجودكم هنا اليوم هو دليل محبة وإنتماء، أضربوا بجذوركم عميقا في أرض لبنان لتزهروا عطاء أينما حللتم، ولا تكونوا شوكة، كما غيركم، في خاصرة من استضافكم. الوفاء والعطاء أنتم – الطاقة الإيجابية أنتم – أحلى صورة للبنان أنتم. عشتم، عاشت اللبنانية وعاش لبنان”.