دخل لبنان في المحظور، فما كاد الرئيس المكلّف سعد الحريري يعلن اعتذاره عن تأليف الحكومة من قصر بعبدا إثر لقاء ثان مع رئيس الجمهورية ميشال عون في غضون 24 ساعة حتى حلّق الدولار الى حدود 22 ألف ليرة فيما اشتعل الشارع وخصوصاً السنّي في العديد من المناطق اللبنانية بدءاً بعكار وطرابلس وصولاً الى بيروت والناعمة وصيدا وتعلبايا، حيث تمّ قطع الطرقات احتجاجاً على عدم قبول رئيس الجمهورية التشكيلة الحكومية ودفاعاً عن كرامة الطائفة السنية وصلاحيات رئيس الحكومة.
ووقعت مواجهات بين الجيش اللبناني ومناصرين لـ”تيار المستقبل” في محيط الطريق الجديدة بعدما عمدوا إلى قطع طريق المدينة الرياضية في كل الاتجاهات، وحصل تراشق بالحجارة واطلاق للرصاص المطاطي ما تسبّب بوقوع اصابات، واعتقل الجيش عدداً من المتظاهرين، فيما اوتوستراد الناعمة كان يُقطَع بالسواتر الترابية.
وجاء اعتذار الحريري الذي أرفقه بقول “الله يعين البلد” بعد 9 أشهر على تكليفه، وعدم تجاوبه مع التعديلات التي طرحها رئيس الجمهورية على التشكيلة واعتبرها “جوهرية”، حيث طلب تبديلاً في توزيع بعض الحقائب وخصوصاً الداخلية والعدل اللتين باتتا من حصة الحريري في التشكيلة المقدمة بعدما كانت الداخلية لأورثوذكسي من حصة رئيس الجمهورية.
وفي حديث مع قناة “الجديد” قال الحريري “أنا اعتذرت عن حكومة ميشال عون لأنني لا أستطيع من خلالها ادارة البلد، وقد سألت رئيس الجمهورية عن موضوع إعطاء الثقة وتسمية المسيحيين فأجابني نفس الاجابة بأن التيار الوطني الحر قد يعطيني ربع ثقة من نائبين أو ثلاثة”. وسأل “بأي منطق يطلبون الثلث المعطّل طالما لم يسمّوني ولا يريدون إعطائي الثقة”.
وكشف أنه كان يريد الاعتذار منذ فترة طويلة لولا تمني الجميع وخصوصاً الفرنسيين، مضيفاً “رئيس الجمهورية يحمل السلّم بالعرض، وهناك فريق قرّر أن يعذّب البلد ويأخذه الى جهنّم وهو لا يريد التعاون مع سعد الحريري”. وعن موقفه في الاستشارات قال “عندما يحدّد رئيس الجمهورية الاستشارات أتحدث مع حلفائي ونقرّر ماذا سنفعل”، لكنه عقّب بالقول “لن نسمّي أحداً”. وانتقد الحريري حزب الله لأنه لم يرَ منه أي ضغط على العهد لتأليف الحكومة، وقال “البلد أهم من اي حليف”.
اما رئاسة الجمهورية، فأوضحت أن “الرئيس الحريري لم يكن مستعداً للبحث في أي تعديل من أي نوع كان، مقترحاً على الرئيس عون أن يأخذ يوماً إضافياً واحداً للقبول بالتشكيلة المقترحة. وعليه سأله الرئيس عون ما الفائدة من يوم إضافي إذا كان باب البحث مقفلاً. وعند هذا الحد انتهى اللقاء وغادر الرئيس الحريري معلناً اعتذاره”. ولفت بيان الرئاسة الى “أن رفض الرئيس المكلف لمبدأ الاتفاق مع رئيس الجمهورية ولفكرة التشاور معه لإجراء أي تغيير في الاسماء والحقائب يدل على أنه اتخذ قراراً مسبقاً بالاعتذار ساعياً إلى إيجاد أسباب لتبرير خطوته. وعليه، وبعد اعتذار الرئيس المكلف، سيحدد رئيس الجمهورية موعداً للاستشارات النيابية الملزمة بأسرع وقت ممكن”، علماً أن لا ضمانات بحصول الاستشارات ولاسيما اذا قاطعت “كتلة المستقبل” وحلفاؤها هذه الاستشارات، وبين الأسماء المرشحة النائب فيصل كرامي والنائب فؤاد مخزومي في ضوء عدم حماسة رؤساء الحكومات السابقين لتولّي هذه المسؤولية.
وفي تعليق على التطورات، قال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان “إن لبنان يشهد حالة تدمير ذاتي والطبقة السياسية تتحمّل ذلك”، مشيراً الى أن “زعماء لبنان يبدون عاجزين عن إيجاد حل للازمة التي تسبّبوا بها”.
أما رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط فحمّل كلاً من عون والحريري مسؤولية إجهاض المبادرة الفرنسية، وقال “منذ سنة ونصف وأنا أنصح الحريري بتكليف أحد آخر لأنني أعلم أن عون لا يريده”.
في غضون ذلك، نشرت قناة “الجديد” التشكيلة الوزارية وهي: السنّة: سعد الحريري، وليد عاكوم للداخلية، فراس أبيض للصحة، لبنى مسقاوي للعدل، ناصر ياسين للبيئة، الشيعة: يوسف خليل للمال، ابراهيم شحرور للاشغال، مايا كنعان للعمل، عبدالله نصر الدين للتنمية الادارية وجهاد مرتضى للثقافة. الدروز:عباس حلبي للتربية وفؤاد حسن للمهجرين. الموارنة: فاديا كيوان للخارجية، فراس ابي ناصيف للاتصالات، لارا حنا للزراعة، وسليم هاني للشؤون الاجتماعية. الروم الاورثوذكس جو صدّي نائب رئيس الحكومة، أنطوان شديد للدفاع، سعادة الشامي للاقتصاد. الكاثوليك: كارول عياط للطاقة وفادي سماحة للصناعة، الارمن غارابيت سليخانيان للشباب والرياضة، والاقليات جو ميلا للإعلام.
هذا الخبر لبنان يدخل في المحظور.. “المستقبل” لن يسمّي أحدا في الاستشارات ظهر أولاً في Cedar News.