التحرك الأميركي – الفرنسي اللافت حيال لبنان يشي بأن خارطة طريق يجري تنفيذها على الأرض بشأن هذا البلد، وأن الطرفين يراهنان على الدعم الخليجي ولاسيما من المملكة العربية السعودية لضمان نجاحها.
أوصى تقرير صدر عن لجنة الدفاع والقوات المسلّحة في البرلمان الفرنسي بإرسال قوات دولية إلى لبنان بشكل طارئ تحت سلطة الأمم المتحدة والبنك الدولي في سبيل تعزيز الأعمال الإنسانية ومساعدة اللبنانيين، ودعم الجيش اللبناني والقوى الأمنية لحفظ الأمن والاستقرار.
وشدد التقرير في بنده السادس على ضرورة إجراء الانتخابات النيابية والرئاسية في موعدها في العام 2022. ويأتي المقترح بالتوازي مع حراك دولي مكثف تقوده كلّ من الولايات المتحدة وفرنسا للحيلولة دون انهيار لبنان بالكامل، في ظل أزمة اقتصادية ومالية غير مسبوقة تعصف به، وعجز النخبة السياسية اللبنانية عن التوصل إلى تسوية يتم بموجبها تشكيل حكومة جديدة.
ويرى مراقبون أن طلب إرسال قوات دولية إلى لبنان، يندرج ضمن مخرجات الاجتماع الذي جرى في الخامس والعشرين من الشهر الماضي بين وزيري الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن والفرنسي جان إيف لدوريان.
وكان لدوريان صرح في أعقاب ذلك الاجتماع بأن باريس وواشنطن “ستتحركان معا للضغط” على المسؤولين عن الأزمة التي يغرق فيها لبنان منذ أشهر، دون أن يقدم المزيد من التفاصيل عن شكل هذا التحرك وطبيعته.
ويعقد وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الاثنين المقبل، اجتماعا خاصا بلبنان وسط ترجيحات بأن يكون المقترح الفرنسي أحد بنود النقاش.
ويثير مقترح لجنة الدفاع والقوات المسلّحة في البرلمان الفرنسي، نقاط استفهام كبرى حول ماهية هذه القوات وهل ستنشر بتفويض أممي، الأمر الذي قد يصطدم بتحفظات من أعضاء دائمين في مجلس الأمن مثل روسيا والصين، أو أن يكون الأمر بتغيير طبيعة عمل قوات حفظ السلام الحالية “اليونفيل” المنتشرة في الجنوب اللبناني، وهذا الأمر لا يقل تعقيدا وسبق وأن فشلت محاولات أميركية في تمريره.
وأكد الرئيس اللبناني ميشال عون الخميس رغبة بلاده في التمديد للقوات الدولية العاملة في الجنوب من دون تعديل في المهمة. وقال عون، خلال استقباله المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جوانا رونيكا في قصر بعبدا، “إن لبنان الذي يلتزم تطبيق القرار 1701 بكل مندرجاته، يرغب في أن يتم التمديد لليونيفيل من دون تعديل في المهمة والعديد”.
وبدا واضحا أن عون يرفض أي توسيع لمهام اليونيفيل، والوضع نفسه ينطبق على حزب الله الذي سيرى في أي تحوير على مهام القوات المنتشرة استهدافا مباشرا له.
ويتحمل حزب الله اللبناني الجزء الأكبر من مسؤولية الانهيار الذي يعانيه لبنان، في ظل سيطرته على مفاصل القرار ومحاولاته جرّ البلد إلى مربع إيران، الأمر الذي حال ويحول دون تقديم المجتمع الدولي والدول الخليجية أي دعم للبنانيين.
ويرى محللون أن الإشارة إلى إرسال قوات دولية بالتوازي مع حملة دبلوماسية فرنسية أميركية نشطة لإقناع دول الخليج ولاسيما المملكة العربية السعودية بالتحرك لتقديم الدعم الإنساني إلى هذا البلد، يشي بأن هناك اليوم خارطة طريق دولية يجري تنفيذها بخصوص هذا
البلد.
وتقول دوائر سياسية إن التحرك الأميركي الفرنسي الذي أخذ الخميس زخما أكبر بقيام السفيرتين الأميركية دوروثي شيا والفرنسية آن غريو بزيارة غير مسبوقة إلى الرياض، تركزت أساسا على طلب الدعم السعودي لمؤزارة الشعب اللبناني وقواه المسلحة، يؤشر إلى أن البلدين قررا الأخذ بزمام المبادرة، بعد أن فشل سياسيو لبنان في الاتفاق، وأن هناك حرصا من الثنائي على تفادي لبنان الانفجار الكبير إلى حين إجراء انتخابات نيابية ورئاسية العام المقبل.
وكانت السفيرتان الأميركية والفرنسية استهلتا جولتهما في المملكة السعودية بلقاء مستشار الديوان الملكي السعودي، والمشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية عبدالله الربيعة. وبحسب إعلان السفارتين فقد تركزت المشاورات الثلاثية على سبل دعم الشعب اللبناني والاستقرار الاقتصادي.
وبالتوازي مع ذلك أرسلت قطر الخميس طائرتين محملتين بـ70 طنا من المساعدات الغذائية إلى الجيش اللبناني، وذلك بعد يومين من زيارة لوزير الخارجية القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني إلى بيروت، والتي تمت على ما يبدو بتنسيق فرنسي أميركي.
وكان وزير الخارجية القطري أعلن خلال زيارته إلى بيروت التي التقى خلالها بالرئاسات الثلاث، تعهّد بلاده بدعم الجيش اللبناني بـ70 طنا من المواد الغذائية شهريا ولمدة عام.
ويرى مراقبون أن هناك حرصا أميركيا فرنسيا على الحصول على دعم خليجي ولاسيما سعودي في خارطة الطريق المرسومة للبنان، مرجحين أن تتجاوب الرياض مع هذا التمشي الجديد.
وكانت المملكة السعودية أحد أبرز الداعمين للبنان منذ نهاية الحرب الأهلية (1975/ 1990) لكنها أحجمت في السنوات الأخيرة عن تقديم المزيد من المساعدة بعد أن بات لبنان يدور كليا في فلك حزب الله المدعوم من إيران.
ويتوقع المراقبون أن تعدل السعودية من موقفها الحالي حيال لبنان في ظل حماسة أميركية فرنسية لإنهاء هذا الواقع الذي يرزح تحته البلد. وأعرب البطريرك الماروني اللبناني الكاردينال بشارة بطرس الراعي في كلمة ألقاها الخميس بمناسبة الاحتفال بمرور 100 عام على علاقات المملكة مع الكنيسة بحضور السفير السعودي وليد البخاري، عن أمله في استعادة وهج العلاقات اللبنانية السعودية، موجها انتقادا واضحا لإيران وذراعها حزب الله.
من جهته قال السفير البخاري في المناسبة بأن البعض “يحاول العبث بالعلاقة الوثيقة بين لبنان وعمقه العربي وإدخاله في محاور أخرى تتنافى مع مقدمة الدستور اللبناني والتي تنص وبوضوح تام على أن لبنان وطن نهائي لجميع أبنائه، عربي الهوية والانتماء حيث لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك”. وأضاف “لا شرعية لخطاب الفتنة والتقسيم والشرذمة، لا شرعية لخطاب يقفز فوق هوية لبنان العربي”.
وأعرب البخاري عن أمله في “أن تجدد اليوم الشراكة والأخوة تحت مظلة عروبية جامعة ركائزها الاعتدال والحوار والمحبة والسلامن ولا تسمح بالمساس بالهوية الوطنية اللبنانية ولا المساس بنسيج العروبة تحت أي ذريعة كانت”.
العرب
هذا الخبر قوات دولية إلى لبنان بإشراف أممي والبنك الدولي ظهر أولاً في Cedar News.