عاد الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري إلى بيروت أمس بعد طول غياب، وتزامنت عودته مع استئناف البواخر التركية توليد الكهرباء، متجاوزة الاشكالات القضائية والمالية مع السلطة اللبنانية، حيث استقبل بتغريدة تنسب اليه الفضل في اعادة التيار الكهربائي التركي إلى البلد الغارق في العتمة.
التغريدة تقول: «مثل الديب، يغيب ويجيب. راح إلى روسيا وجاب لقاح سبوتنك ضد كورونا، وراح إلى تركيا وجاب امر فوري بإعادة تشغيل بواخر الكهرباء التركية المحجوز عليها في لبنان». وقد ارفقت التغريدة بصورة للحريري مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للإثبات والتأكيد. بالطبع، الكهرباء من الكنوز المفقودة في بلد النور، انما الحريري، مكلف عمليا، بإعادة تكوين السلطة السياسية من خلال تأليف حكومة قادرة على وقف التدهور المتسارع نحو الهاوية، بيد أن اليد الواحدة لا تصفق، كما يقول الحريريون، باستياء.
فاشتراط الفريق الرئاسي ان يكون لرئيس التيار جبران باسيل يد في كل صغيرة وكبيرة، من تشكيل الحكومة إلى تعيين مأموري أحراج، ابقى ويبقي المشكلة قائمة.
والأكثر اقلاقا للبال أن السلطة القائمة لا تبدو على إلمام بالواقع المرير، وتعيش حالة إنكار للذات حد الإغماء العام، كما تقول قناة «الجديد»، بحيث لم يشعروا باحتلال إدارات الدولة ولا مقرات المصارف من قبل الناس الغاضبين، وأن العصيان المدني، الذي هو أكثر تعبيرا من الثورة، بدأ يطبق في بعض المدن والمناطق، دون بلاغ رقم واحد، او إعلان!
وثمة من يعتقد أن حالة الغيبوبة عن الواقع المعيشي هي جزء من خطة تغييب الحل السياسي، بدليل تجميد الطروحات والمبادرات والمساعي والفتاوى، لتستمر نداءات رئيس التيار الحر جبران باسيل للرئيس المكلف بأن يؤلف الحكومة، في أوضح لعبة تكاذب سياسي، لظل الرئاسة اللبنانية، استلحقها بطرح المداورة في رئاسات الجمهورية والبرلمان والحكومة، أي بإلغاء طائفية الرئاسات، وهو يدرك أن ذلك هو من الأحلام المستحيلة.
ثم اتبع ذلك الطرح بتغريدة عبر «تويتر» قال فيها «الأكيد انه لا يجوز الاستمرار كما نحن.. على رئيس الحكومة المكلف ان يحسم أمره اذا يريد ان يؤلف او ان يعتذر، وفي حال استمرت المماطلة على المجلس النيابي ان يحسم أمره، اما بتعديل دستوري لوضع المهل او باستعادة القرار، والا فليعلن عجزه وينهي ولايته بتقصير مدتها. ما منقدر نكفي هيك!».
دولاريا، الذئب الأخضر مازال فوق سطح الـ 17 ألف ليرة لبنانية. ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب يبحث عن منصة تعبث بأسواق العملة في لبنان وسورية، يرجح انها في تركيا، وانه جرت اتصالات مع الجهات التركية المعنية بلا طائل.
وتبقى ازمة المحروقات على لهيبها، طوابير السيارات امام المحطات الرافضة للتوزيع قبل صدور التعرفات المنسجمة مع تصاعد الدولار، ووزارة الطاقة الهائمة في غابة المافيات الرسمية والرديفة مترددة في مواجهة الحقيقة.
وكانت طرابلس مسرحا لتوتر غير مسبوق، حيث يعم الغضب بسبب استمرار تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في البلاد. وعمد عدد من الشبان المسلحين إلى إطلاق الرصاص في الهواء في محلة التل، طالبين من أصحاب المحال التجارية والصيرفة الإقفال احتجاجا على الأوضاع المعيشية المتردية، بحسب ما أفادت الوكالة الرسمية.
وأطلق آخرون أيضا الرصاص في الهواء في محلتي التبانة والحارة البرانية لفقدان المحروقات، وانقطاع الكهرباء، والغلاء الفاحش.
وانسحب الجيش من معظم الشوارع والأحياء الطرابلسية بسبب الاحتقان الكبير وإطلاق النار الكثيف من قبل المواطنين الغاضبين، فيما يشبه «الثورة المسلحة» في بعض الأحياء، ما ينذر بانفجار اجتماعي كبير،
وعلى وقع الاحتجاجات اليومية، وافق مجلس النواب على مشروع قانون البطاقة التمويلية دعما للفئات الأشد حاجة بالتزامن مع الحديث عن رفع الدعم كليا عن المواد الأساسية الذي توفره الحكومة من خلال المصرف المركزي.
وأقر مشروع قانون البطاقة التمويلية بعد نقاش مستفيض للكتل النيابية فطالب رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل بأن تعطى لكل اللبنانيين وان يلزم الوزراء المعنيون بوضع خطة لترشيد الدعم، ورأى الا يستثنى من اعطاء البطاقة الا من يحصل على دعم او لدية أموال في المصارف، وخلال النقاش الذي استمر طويلا حاول باسيل الاستمرار في الحديث في وقت كان فيه الرئيس بري يحاول اعطاء الكلام لغيره فقال له باسيل «شو باك ما متحملني» فأجاب بري هالقد كتير تحملتك.
وعن البطاقة قال الرئيس بري: المجلس النيابي ملزم بمناقشة واقرار مشروع البطاقة التمويلية، اما كيفية توزيع اعباء وتمويل البطاقة وآلياتها وكيفية التسديد ستبقى على عاتق الحكومة وليس على عاتق المجلس النيابي.
وبالإشارة الى البطاقة من المقرر أن تستفيد منها 500 ألف من الأسر المقيمة والمحتاجة والتي لا تستفيد من برامج اخرى، وتبلغ تكلفتها 556 مليون دولار، وجرى الاتفاق على أن يتم تشكيل لجنة وزارية لوضع الالية للبطاقة وللتفاوض مع الجهات الدولية مع مهلة امامها هي 15يوما، كما أدخلت مادة تعتبر السرية المصرفية مرفوعة حتما عن كل متقدم بطلب تتوافر فيه شروط الاستفادة وترك الأمر للجنة الوزارية لتقرير من يستفيد، كما ترك لها آلية تنفيذ هذه البطاقة.
الانباء ـ عمر حبنجر
هذا الخبر الحريري يعود بـ «الكهرباء التركية» ورئيس «التيار» يدعوه للاعتذار.. إقرار البطاقة التمويلية ب 556 مليون دولار ظهر أولاً في Cedar News.