مفاوضات الترسيم “لم تبدأ”… وخلافات تنتظر الحسم

كتب إيلي الفرزلي في صحيفة “الأخبار”: مفاوضات الناقورة متوقّفة ولن تُستأنف فعلياً قبل تسلّم الإدارة الأميركية الجديدة. بدلاً من الجلسة الخامسة التي لم تُعقد، حمل الموفد الأميركي سؤالاً محدداً إلى رئيس الجمهورية: هل توافقون على مفاوضات مباشرة في أوروبا؟ ولمّا كانت الإجابة نفياً قاطعاً، لم يعد أمام الوفد الإسرائيلي سوى الجلوس في خيمة الناقورة والاستماع مجدداً إلى وجهة نظر لبنان. هناك بدا الوفد اللبناني جاهزاً لمفاوضات قاسية وطويلة، بعدما تبيّن وجود سبع نقاط خلافية.

بهدوء، تُقيّم شخصية مطّلعة المفاوضات غير المباشرة التي عُقدت في الناقورة بين لبنان والعدو الإسرائيلي بوساطة أميركية واستضافة أممية. تقول إن كل طرف عرض في الجولات التي عُقدت رؤيته للترسيم، لكن حتى اليوم لم يتمّ الدخول في مرحلة السعي لإيجاد حلول أو اتفاق. كما لم يتدخل الطرف الأميركي ولا الأممي في كل ما جرى، إلا بوصفهما شاهداً يتوجه له كل طرف بالحديث، على قاعدة أن التفاوض يتم بشكل غير مباشر، وهو ما يحصل فعلاً تحت سقف خيمة المفاوضات التي نُصبت في مقرّ الأمم المتحدة في الناقورة.

بالنتيجة، يتوقع المصدر مساراً طويلاً ومعقّداً لهذه المفاوضات التي “لم تبدأ بعد”. أما خلاصة الجلسات الأربع، فيمكن اختصارها بسبع نقاط مختلف عليها بين الجانبين:

1 – طلب الوفد اللبناني اعتماد اتفاقية الأمم المتحدة للبحار كمرجعية للتفاوض، وهو ما رفضه الوفد الإسرائيلي على قاعدة أن إسرائيل لم توقّع هذه الاتفاقية وهي غير ملزمة بقواعدها وأصولها.

2 – وافق الطرفان على اعتماد اتفاقية الترسيم التي وُقّعت بين الانتدابين البريطاني والفرنسي (1923)، إلا أن الخلاف برز في قراءة كل طرف لها، خصوصاً أنها لم تحدد النقاط الحدودية بدقّة.

بالنسبة إلى البنان، فإن رأس الناقورة المشار إليه في الاتفاقية (نقطة الخلاف الأبرز) موجود داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، وبالنسبة إلى الوفد الإسرائيلي، فإن عبارة “رأس الناقورة” الواردة في الاتفاقية تقع إلى الشمال من النقطة التي حدّدها الجانب اللبناني.

3 – يعتبر الوفد الاسرائيلي أنه من المستحيل أن يبدأ الترسيم من نقطة برية بل يجب أن ينطلق من البحر. حجته في ذلك أن الحدود البرية غير مرسّمة، وبالتالي لا يمكن اعتماد نقطة في حدود لم تثبّت بعد. المستحيل الإسرائيلي يقابله مستحيل لبناني، إذ لا يعقل أن يبدأ ترسيم لحدود بحرية إلا من البر. وبالتالي حتى لو كانت الحدود البرّية غير مرسّمة، يمكن الاتفاق على نقطة محددة يتم الانطلاق منها لترسيم الحدود البحرية، علماً أن الترسيم البرّي جزء من اتفاق الإطار الذي توصل إليه الرئيس نبيه بري، وبالتالي فور انتهاء ترسيم البحر يفترض أن يبدأ ترسيم البر.

4 – يتمسك الوفد الإسرائيلي بضرورة أخذ جزيرة «تيخليت» في الاعتبار لدى الترسيم، إلا أن الجانب اللبناني يرفض اعتبارها جزيرة في الأساس، خاصة أنها غير مأهولة، وهي بالكاد صخرة. وإضافة إلى اعتبار الوفد الإسرائيلي أن عدم وجود مقيمين على «تيخليت» لا يمنع أن تكون جزيرة، فهو يستشهد بالاتفاق اللبناني – القبرصي الذي أخذ تلك الجزيرة أو الصخرة في الاعتبار أثناء ترسيم الحدود بينهما. لا ينكر الوفد اللبناني ذلك، لكنه يُذكّر أن اتفاقية البحار تميّز بين الترسيم بين دولتين متقابلتين ودولتين متجاورتين، وبالتالي ما يجوز هنا ليس بالضرورة أن يجوز هناك.

5 – حتى مع افتراض الاتفاق على نقطة الانطلاق وحل مسألة «تيخليت»، فإنه لا اتفاق على التكنولوجيا المعتمدة لتحديد مسار الخط الحدودي البحري. علماً أن هذه العملية تتم عبر برامج إلكترونية محدّدة.

6 – لا يزال المفاوض الإسرائيلي متمسكاً بالاتفاقية الموقّعة بين لبنان وقبرص، بوصفها منطلقاً للترسيم البحري. وهو يشير إلى أنه طالما الطرف اللبناني سبق أن حدد منطقته الاقتصادية في الاتفاقية مع قبرص، فإنه من البديهي أن يكون ما هو خارجها من حصة إسرائيل. لكن الطرف اللبناني، رغم تأكيده أن الاتفاقية وُقّعت فعلاً من قبل الحكومة آنذاك، إلا أنه بموجب المادة 52 من الدستور فإن أي معاهدة دولية بحاجة إلى تصديق مجلس النواب عليها، وهو ما لم يحصل. وبالتالي، فإن الحجة الإسرائيلية لا تقع في موقعها القانوني بالنسبة إلى البنان.

7 – آخر الإشكالات ذاك الذي افتعله وزير الطاقة الإسرائيلي. فوفد العدو يرأسه المدير العام للوزارة، وبالتالي فإنه مضطر للأخذ بتصريح مسؤوله المباشر، الذي قال إن لبنان غيّر رأيه سبع مرات.

هذا الخبر مفاوضات الترسيم “لم تبدأ”… وخلافات تنتظر الحسم ظهر أولاً في Cedar News.

Read More