ها هي مدينة البترون، وككل المدن والبلدات اللبنانية، تحاول الصمود أمام التحديات لكي تبقى المدينة التي لا تنحني بالرغم من كل المآسي التي تطال كافة القطاعات في ظل الظروف التي حلت بعد انتشار وباء ″كورونا″ الضيف الثقيل الذي زاد الطين بلة وأتلف السياحة والاقتصاد والتجارة وكل القطاعات المنتجة في لبنان.
البترون، وبالرغم من كل شيء، انتفضت ونفضت عنها غبار التحديات وقررت المقاومة مرتكزة على مقومات صلبة منها تعاون هيئاتها المحلية التي تحاول باستمرار خلق أجواء مميزة للحفاظ على مدينة سياحية مميزة بتاريخها وحضارتها اللذين شكلا قوة دفع لأبنائها وسلاحا يستقوون به عندما تدعو الحاجة كما يؤكد المهندس جيلبر سابا، عضو لجنة تجار البترون وقضائها.
ويقول سابا: “مما لا شكّ فيه أنّ مدينة البترون تبقى على الدوام نافذة مشّرعة على الحقبات التاريخيّة الغابرة التي طبعت تاريخها الأثرّي الغنيّ بالحضارات الفينيقيّة والرومانيّة وغيرها وقد ورد اسمها لاول مرة في “رسائل تل العمارنة” التي كان ملوك الدويلات الكنعانية يرسلونها الى الفراعنة في القرن الرابع عشر ق.م.، وقد بنيت منذ سالف الأزمان حجر فوق حجر وعلى فترات طويلة. نحن اليوم نتغنى بجمالها ونسعى لإبرازه، وعلى نهج الأولين يعتمد القيمون على المدينة لبناء ركائزها، وأهمها السياحة. فالعديد من المدن المحلية والعالمية، عاشت طفرة سياحة لعدة سنوات وما لبثت ان تداعت بسبب ارتكازها على مقومات ضعيفة.”
وعن السياحة في البترون يقول سابا: “تشهد البترون حركة سياحية ناشطة بالرغم من الظروف الاستثنائية، ان على الصعيد الاقتصادي او من ناحية الوباء المنتشر عالمياً، وهذا خير دليل على انها ترتكز على اسس متينة. ان بناء السياحة المستدامة كبناء الانسان، يتطلب جهد ووقت، كي يحافظ على ديمومته. فالحفاظ على الهوية، والعراقة، وحسن الضيافة، والاستقرار الامني، والهدوء هم من الاساسات الغير ملموسة التي تُبنى رويداً رويداً، وتخلق عند الضيف هذا الاحساس بالانجذاب الى هذه المدينة وتصور في ذاكرته انطباعات لا تُنسى، بالاضافة الى المقومات الملموسة، كتعدد النشاطات والسهر والمطاعم والنشاطات البحرية، والمهرجانات، وجمالها العمراني، ونظافة شوارعها، وخدماتها السياحية المتعددة والتي تؤمن للضيف الراحة والتسلية والمرح.”
اما على صعيد النشاطات في فترة الاعياد، فيقول: “إن القدرة على التأقلم مع الوضع الاقتصادي، وخفض النفقات مع الحفاظ على زينة بسيطة لإضفاء الأجواء الميلادية، والتركيز على الانتاجات المحلية، والاعتماد على الاسعار المدروسة، والحفاظ على مستوى الخدمات المرتفع، جعل من مدينة البترون نقطة جذب وتحديداً في اسواقها القديمة التي يعود تاريخها الى القرن التاسع عشر حيث شهدت المدينة حينها أوج إزدهارها. فهي ليست شارعاً فحسب انما حي قديم بأكمله مؤلف من عدة شوارع متقاطعة وأبنية من الحجر الرملي وقناطر وكنائس وساحات وقلعة وغيرها. كما وان التركيز على الاجراءات الوقائية ووضع الكمامات، يجعلنا نتخطى الاقفال وضرب الإقتصاد في وضع يتطلب عملا اضافيا للصمود والاستمرار.”
وعن صراع البقاء يؤكد سابا: “في ظل هذا كله، لا يسعنا الا ان نتبع سياسة الحياة لا الموت المعنوي، فتعريف الانسان هو كائن يصارع للبقاء، ونحن نصارع لحياة افضل فيها الديمومة والرفاهية. عسى ان تضفي الاعياد اجواء إيجابية على مدينة البترون وزوارها.”