
Getty Images
لبنانيون يحيون ذكرى حراك تشرين 2019
هل كان ما عاشه اللبنانيون قبل عام، في السابع عشر من تشرين الأول/ أكتوبر 2019، بمثابة حلم ليلة صيف لم يدم طويلا؟، سؤال كبير يطرح نفسه، بعد مرور عام على امتلاء شوارع المدن اللبنانية، بالمطالبين بالتغيير، الرافضين لفساد النخبة الحاكمة، والحالمين بحكم غير طائفي.
في السابع عشر من تشرين الأول/أكتوبر 2019، خرج اللبنانيون جنبا إلى جنب بكل طوائفهم، منتفضين ضد اقتراح للحكومة التي كانت تسعى جاهدة لزيادة إيراداتها المالية، بفرض ضريبة على المكالمات الصوتية المتبادلة، عبر خدمات المراسلة النصية مثل (واتساب)، وقد بدا تفكير الحكومة في هذا الأمر، صادما ومستفزا للبنانيين،الذين يجهدون من أجل تدبير شؤون حياتهم وحياة أسرهم.
كان الارتباط وثيقا بين تلك الضريبة المقترحة من قبل الحكومة، وحراك الشارع اللبناني في ذلك الوقت، حتى أن الاحتجاجات أطلق عليها “ثورة الواتساب”، لكن سقف الاحتجاجات ارتفع بعد ذلك، ليتوحد اللبنانيون بكل طوائفهم في نداء واحد، يطالب بالتخلص من الطبقة السياسية “الفاسدة” برمتها في لبنان، تحت شعار واحد وحد الجميع، هو”كلن يعني كلن”، في إشارة إلى عدم استثناء أحد من هذه الطبقة السياسية.
حلم لم يدم طويلا
لكن بعضا من المراقبين يعتبر أن الحلم اللبناني، الذي انطلق في السابع عشر من تشرين الأول/ أكتوبر 2019، لم يعش طويلا لتتوالى على لبنان بعد ذلك، سلسلة من الكوارث والأزمات، التي جعلت اللبنانيين يصفونه بأقسى الأعوام، التي مرت على البلاد، منذ أيام الحرب الأهلية اللبنانية خلال سبعينات القرن الماضي.
بين السابع عشر من تشرين الأول/ أكتوبر ،2019 والسابع عشر من تشرين الأول/أكتوبر ،2020 جرت في النهر مياه كثيرة في لبنان، وتبدلت الأمور لكن تجاه الأسوأ ، فقد كان لبنان على موعد مع كوارث لم تأت فرادى، خلال هذا العام، بعد أزمة تفشي وباء كورونا والانهيار الاقتصادي المتسارع، الذي فاقم معدلات الفقر، جاء انفجار مرفأ بيروت المروع، في الرابع من آب/اغسطس الماضي، الذي حصد أكثر من مئتي قتيل، وأوقع آلاف الجرحى وألحق أضراراً جسيمة، بعدد من أحياء العاصمة .
المتشائمون
ويعتبر المتشائمون بما أنجزه الحراك اللبناني، أن الإنجاز الوحيد لهذا الحراك،لم يكن سوى إجبار حكومة رئيس الوزراء اللبناني الأسبق سعد الحريريعلى الاستقالة، وتعيين حكومة جديدة، هي حكومة حسان دياب التي استقالت أيضا، تحت ضغوط شعبية، بفعل انفجار مرفأ بيروت، لكن ولسخرية الأقدار، فإن سعد الحريري الذي أجبرت حكومته على الاستقالة قبل عام، بات اسمه يرفع من جديد كرئيس جديد متوقع للحكومة، وكأن الأمور تعود إلى المربع الأول.
وفي بيان له صدر الجمعة 16 تشرين الأول/ اكتوبر، اعتبر المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش أنّ “مظلومية واحتياجات اللبنانيين المشروعة ذهبت أدراج الرياح خلال عامٍ مروع”. وقال إنّ “الإصلاحات التي يحتاجها لبنان معروفة. لقد التزمت النخب السياسية الحاكمة مراراً وتكراراً بتنفيذها، دون الوفاء بتعهداتها، الأمر الذي يرسخ الوضع الراهن والشلل”.
ويعتبر مراقبون أن طموحات اللبنانيين، الذين تجمعوا في تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي، تعرضت لحالة من الاحباط، في ظل توالي سلسلة من الأزمات، التي جعلت كثيرين ينكفئون على أزماتهم الخاصة، في ظل شح المال وتزايد أزمات البطالة، وبرأي هؤلاء المراقبين، فإنه ورغم أن الشارع اللبناني بدا موحدا في وجه الطبقة السياسية، خلال حراك السابع عشر من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، فإنه افتقر وما يزال يفتقر إلى قيادة موحدة، تدافع عن مطالبه في وجه طبقة سياسية، قد تكون فاسدة لكنها صاحبة ممارسات متجذرة.
المتفائلون
لكن المتفائلين بما أنجزه حراك الشارع اللبناني، في السابع عشر من تشرين الأول/أكتوبر 2019 ،يرون أن ما أنجزه الحراك ليس قليلا، وأنه يمثل بداية قوية تحتاج للبناء عليها، إذ أنه مثل المناسبة الأولى لتجمع اللبنانيين على اختلاف طوائفهم، في مواجهة الطبقة السياسية، وبإصرار على ضرورة قيام دولة مدنية تستند إلى المواطنة وليس الطائفة كأساس.
وتنقل وكالة الأنباء الفرنسية عن المواطن اللبناني عمر واكيم قوله ” “تمكنت ثورة 17 تشرين من أن تفرض إمكانية ايصال رأي الناس.. وهذا من أهم انجازاتها” ويضيف واكيم”المعركة طويلة جداً مع من يتحكمون منذ عقود بمفاصل الدولة”.
وفي تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” اعتبر الأكاديمي اللبناني والوزير السابق، طارق متري أنّ “قوة الحركة الشعبية في استمرارها، في تجاوز الخيبات، في استنهاض الطاقات التي تفتحت خلال عام”. وأضاف “يتعذر قياسها بما تحقق على صعيد التغيير السياسي ولا بقدرتها على توليد نخب سياسية جديدة، بل بالوعود التي تواصل حملها، وسط كل الالم والتعب والشعور بالعجز والرغبة بالعزوف والهروب”.
وبشكل عام يجمع المتفائلون بما أنجزه الحراك اللبناني، على أنه نجح وللمرة الأولى، في التأسيس لتخطي الطائفية، وأنه لم يكن متوقعا أن يحقق انجازات تاريخية في مدة عام واحد، في وقت يواجه فيه نظاما سياسيا طائفيا مترسخا على مدار سنوات، وأن الإنجاز الأكبر هو تأسيسه لمرحلة، قد تحتاج إلى مزيد من التحالفات الداخلية الواسعة، من أجل البناء عليها، وأنها ستؤدي حتما في نهاية الأمر إلى التغيير.
بعد عام من حراك الشارع اللبناني ما الذي أنجزه وما الذي فشل في إنجازه؟
هل تعتقدون أن توالي الأزمات على لبنان خلال العام المنصرم أدى إلى تراجع الحراك؟
كيف تقيمون رأي المتشائمين الذين يرون أن الحراك لم ينجز شيئا ذا قيمة؟
وما رأيكم فيما يقوله المتفائلون من أن الحراك أسس لمرحلة سيكون لها مابعدها؟
هل تتوقعون تغييرا حقيقيا في مؤسسة الحكم في لبنان؟ ولماذا؟
سنناقش معكم هذه المحاور وغيرها في حلقة الاثنين 19 تشرين الأول/أكتوبر من برنامج نقطة حوار في الساعة 16:06 بتوقيت غرينتش.
خطوط الاتصال تفتح قبل نصف ساعة من البرنامج على الرقم 00442038752989.
إن كنتم تريدون المشاركة عن طريق الهاتف يمكنكم إرسال رقم الهاتف عبر الإيميل على nuqtat.hewar@bbc.co.uk
يمكنكم أيضا إرسال أرقام الهواتف إلى صفحتنا على الفيسبوك من خلال رسالة خاصة Message
كما يمكنكم المشاركة بالرأي على الحوارات المنشورة على نفس الصفحة، وعنوانها: https://www.facebook.com/hewarbbc أو عبر تويتر على الوسم @nuqtat_hewar
هذا الخبر بعد عام: أين نجح وأين أخفق حراك تشرين في لبنان؟ ظهر أولاً في Cedar News.