عقد رئيس تكتل لبنان “لبنان القوي” النائب جبران باسيل، مؤتمرا صحافيا، تحدث فيه عن التطورات بعد 40 يوما على انفجار مرفأ بيروت، من ترسيم الحدود إلى المبادرة الفرنسية فالحياد.
بداية قدم باسيل التعازي لأهالي الضحايا والمصابين “لأن الحزن لا ينتهي مع مرور الوقت وخصوصا لمن فقد أهله وأحباءه بفعل الفساد والإهمال ونتيجة تعدي أيادي الشر على حرمة الحياة بالمتاجرة او بتهريب مواد خطرة انتهت بتفجير العاصمة”. وقال: “ما حصل حتى الآن من رفع الركام وتحقيق وترميم ومساعدات ووعود، لا يكفي لبلسمة الجراح وايواء المشردين والمقهورين الذين ينتظرون العدالة، لذلك على القضاء أن يستعجل ويكون عادلا وغير خاضع للشعبية والتواصل الاجتماعي، وإلا فمن حق الناس أن تطالب بتحقيق دولي. على الحكومة والمحافظ والبلدية أن يتصرفوا بالسرعة المطلوبة قبل حلول الشتاء، والا فمن حق الناس أن تطالب ببلدية تلبي حاجاتها”.
وعن المبادرة الفرنسية، قال: “نحن في التيار نحرص على نجاحها، وفي الوقت عينه خائفون من عدم نجاحها. لدينا الحرص ليس لأن فرنسا دولة صديقة للبنان، وليس لأن الرئيس ماكرون أظهر كل محبة وتعاطف واندفاع، فسبب الحرص يأتي لأن هذه المبادرة بما تضمنته من التزامات، هي الحل المنطقي والعملي المتوفر اليوم لخلاص لبنان، ونحن مع هذا الحل بخطوطه العريضة لأنه يمثل قناعتنا ومطالبنا. نحن من منطلق السيادة الفعلية وخياراتنا الوطنية، قبلنا بالمسعى الفرنسي، أولا لأنه يتركز على برنامج إصلاحي محدد، وثانيا لان الأولوية فيه للخروج من الأزمة المالية الاقتصادية من دون إدخال عناصر سياسية مثل السلاح والانتخابات لأن الخلافات حولها تتسبب في تطوير الإصلاح”.
أضاف: “أنا أفهم أن هناك جهات خارجية تريد إفشال المبادرة الفرنسية لأن لديها أجندة سياسية تتركز على زرع الفوضى أو التوسع في المنطقة، لكني لا أفهم وجود جهات داخلية تريد إفشال المبادرة بحجج مختلفة، في وقت يريد اللبنانيون هذه المبادرة ويطالبون بها وهي لمصلحة وطنهم واقتصادهم. هناك خطر على المبادرة الفرنسية ممن يرفضونها بحجة السيادة، أو ممن يريدون الاستقواء وفرض حكومة ومشروع على كل اللبنانيين بإسم فرنسا، هم يريدون أن يكسروا الدستور والتوازنات وأن يتذاكوا ويقوموا بنكايات، ويحققوا مصالح صغيرة بحجة إنجاح المبادرة الفرنسية، أما نحن فلا يعنينا كل هذا، لأننا نعتبر أن المبادرة هي وليدة حاجة لبنان وتحقق إنقاذه واستقراره، وخصوصا أنها لبت مطالب اللبنانيين بالإصلاح، لذلك كنا من اللذين قدموا أفكارا لها لأنها توافقت مع أفكارنا وتضمنتها أساسا مبادرتنا الخلاصية”.
وتابع: “اتفق على المبادرة بمرحلتها الأولى مع كل المشاركين، وتتضمن ثلاثة أمور، أولا برنامج إصلاحي محدد في ثلاثة أشهر، ثانيا حكومة مهمة تتشكل من وزراء قادرين على تنفيذ هذا البرنامج، وثالثا عقد مؤتمر دولي في باريس لتأمين الدعم للبنان في حال وفى بالإصلاحات، وهذا يعني انه في حال التزم لبنان الإصلاحات، يصبح لديه من الآن وحتى آخر السنة إصلاحات أولية، وهذا لمصلحة لبنان لا فرنسا، وهذا مطلب الشعب اللبناني وليس مطلب الشعب الفرنسي. كذلك تؤمن الإصلاحات اتفاقا مع صندوق النقد الدولي مع برنامج مساعدات خارجية وضخ أموال وموازنة إصلاحية للعام 2021، فيها دين منخفض ومستدام لأول مرة، وهذا كله يؤمن عودة الاقتصاد للحياة، من هنا يأتي حرصنا على المبادرة من جهة والخوف عليها من الجهة الأخرى، لا أكثر ولا اقل، لعلمنا أن جهات داخلية وخارجية تريد إفشالها”.
وقال: “أتت مبادرتنا الخلاصية من قناعتنا أن لا يمكن الخروج من الأزمة إلا بإصلاح سياسي للنظام وإصلاح مالي واقتصادي للنموذج الموجود، وهذا يعني القيام بعملية تغيير كبير متدرج على مراحل، أولا في المال والاقتصاد لعدم انزلاق البلد إلى الفوضى، لذلك يهمنا ان نتحاور مع كل الأطراف عن المبادرة التي قدمناها لرئيس الجمهورية والرئيس الفرنسي وهي خريطة طريق من خمس محطات موزعة على مسارين، الأول مسار مالي واقتصادي وفيه ثلاث محطات، الاتفاق على برنامج إصلاحي وحكومة مهمة لتنفيذ البرامج مؤلفة من وزراء قادرين على التنفيذ ومؤتمر دولي لتقديم التعهدات المتبادلة بالتنفيذ والمساعدة. أما المسار الثاني فسياسي دستوري يتضمن محطتين، حوار وطني يتناول من جهة تطوير النظام ومقاربة الملفات الخلافية كالاستراتيجية الدفاعية والحياد ووضعية لبنان، وحكومة وفاق وطني لاستكمال تنفيذ الإصلاح ومقررات الحوار الوطني وتتويجه بانتخابات عامة”.
أضاف: “تطوير النظام يقوم على فكرة إنشاء دولة مدنية كاملة قائمة على اللامركزية، وعملية تطوير تنقسم على سبعة محاور هي معالجة الثغرات الدستورية واستكمال تنفيذ الطائف وسد نواقصه وإنشاء مجلس الشيوخ مع صلاحياته وقانون انتخابه ومجلس النواب وقانون انتخاباته وإقرار قانون اللامركزية وقانون انتخاباته وإقرار قانون اللامركزية الإدارية والمالية الموسعة وإقرار قانون موحد للاحوال الشخصية والانماء المتوازن للمناطق والخدمة السوية للمواطنين عبر الصندوق الائتماني وشركة إدارة أصول الدولة. هذه الأسس تأخذنا إلى دولة مدنية متينة بدأنا العمل عليها، لكن الظروف اجبرتنا منذ تشرين الثاني العام 2019 على تأجيل عقد مؤتمر وطني لإطلاق تجمع لبنان المدني، مع الأمل بإعلانه قريبا في تشرين الاول. أما بالنسبة للاصلاحات المالية والاقتصادية والنقدية، فهي مقسمة على 46 بعدا، يمكن الاطلاع عليهم وعلى المبادرة على الموقع الإلكتروني للتيار www.tayyar.org، بالشق السياسي ويتضمن موضوع تحييد لبنان لمناقشته على طاولة الحوار، والاقتصادي ويتضمن ملف استخراج الغاز والنفط في البر والبحر وترسيم الحدود البرية والبحرية مع إسرائيل”.
وعن موضوع التحييد قال باسيل: “في موضوع الحياد، وهو في مفهومنا موضوع ايجابي للبنان ولكنه بحاجة الى حوار وتفاهم داخلي والى احتضان إقليمي ورعاية دولية. والأسهل سريعا هو الاتفاق على التحييد لأن طاقة اللبنانيين على تحمل تبعات مشاكل الغير وصلت الى حدها الأقصى، بعض اللبنانيين مثلا تفهموا فكرة وجود الحزب بسوريا، والحزب اكيد بدأ يفكر بالعودة من سوريا وتأمين ظروفها، ونحن كلبنانيين علينا احتضان ودعم هكذا قرار. كذلك اللبنانيون كلهم موافقون على وجود القوات الدولية في الجنوب، وبالرغم من الخلافات التي تحصل أحيانا حول صلاحية الدخول الى الأملاك الخاصة، إلا أن الجنوبيين هم مع بقاء هذه القوات للحفاظ على الإستقرار في المنطقة ويرحبون بالتجديد لليونيفيل”.
أضاف: “بالمقابل، اللبنانيون مرتبطون بقرار دولي هو ال1701 وهم غير مستعدين ولا بستطيعون قبول أن يرجع لبنان منطلقا للعمليات الفدائية من أرضه وإعادة تحويله ساحة لتصفية الحسابات الخارجية. تلوعنا سابقا من هكذا اختراقات وكلفتنا 15 سنة حرب. نصارح إخواننا الفلسطينيين بمحبة ونعمل معا نحن وإياهم على منع اللعب على التناقضات ومنع أي اختراقات أمنية أو اصطفافات إقليمية، لتجنيب المخيمات ولبنان أي استغلال او اختراق يمكن أن يكون إسرائيليا أو إرهابيا.
لبنان في هذه الفترة لا يحتمل، مثل الشيء الذي حصل وقيل خلال زيارة السيد اسماعيل هنية، لأنه مؤذ للبنان ولا يخدم القضية الفلسطينية ولا عودة أخوتنا اللاجئين الى أرضهم، وهو بالنتيجة يزيد المخاطر على سيادة لبنان ووحدته، ولن نقبل أن يخلق أحد أي أمر واقع مهدد لوجود لبنان وسيادته وأمنه وكرامته وكيانه. هذه أمثلة عن مجموعة أمور ينبغي أن نتفق عليها بين بعضنا نحن اللبنانيين بالهدوء والحكمة من دون توترات وتحديات، وتؤدي الى إبعاد وتحييد لبنان عن بعض مشاكل المنطقة”.
وتطرق باسيل كذلك الى موضوع ترسيم الحدود واعتبر أنه “أمر ممكن أن نتفاهم عليه كلبنانيين من ضمن الحفاظ على حقوقنا وعلى سيادتنا لتأمين مصلحة بلدنا من دون مزايدات. نحن نتحدث عن إنهاء ترسيم الخط الأزرق برا في النقاط العالقة فيه، ونتحدث عن استكمال الترسيم بحرا انطلاقا من ال1701 برعاية الأمم المتحدة واليونيفيل وبوساطة من الولايات المتحدة. هنا نحن نتناول أمرين: حقوق لبنان ومصلحته. لا نقاش حول حقوق لبنان والحفاظ عليها، سيادة وموارد. أما مصلحته فهي موضوع نقاش بين بعضنا البعض، وأنا من الذين يرون مصلحة كاملة للبنان بإنهاء ملف الحدود على أساس ترسيم عادل لها، لأنه أولا يحل احدى المشاكل العالقة مع اسرائيل ويعيد للبنان بعض حقوقه من دون اي تنازل، ويعزز ثانيا الإستقرار في الجنوب، برا وبحرا، وهو أمر لبنان بحاجة له وهو يتمسك باليونيفيل وال 1701 على هذا الأساس، ولأنه ثالثا يشجع ويسرع عملية استكشاف واستخراج الغاز والنفط في البحر اللبناني، ومن ضمن المسار التفاوضي الاتفاق على كيفية سير الأمور بالمناطق المتنازع عليها، وهذا باب كبير لإنعاش اقتصادنا وتغيير مساره الانحداري. ولذلك جانب اساسي جيو- سياسي وليس فقط تقنيا، وأكبر برهان ما حصل في البلوك رقم 4. بعدما أعلمونا أنه اكتشفوا ضغط غاز هائل يبشر بكميات كبيرة، وقالوا لنا ينبغي اعتماد طريقة حفر هادئة لمنع اي انفجار غازي، تفاجأنا في اليوم التالي بأن الكميات قليلة وليست ذات قيمة للتجارة”.
وأردف “نحن نفهم وضع الشركات العالمية النفطية اليوم لناحية رخص اسعار النفط وعدم الاستفادة المالية في المياه العميقة لكلفتها العالية، ونفهم تخفيف أعمال الشركات في ظل الكورونا، ولكن من غير الممكن ألا ننظر الى النواحي الجيو سياسية التي تملي على الشركات تأخير عمليات الاستكشاف والانتاج. لهذا، قد يسرع الترسيم إنتاج الغاز في لبنان”.
وعن موضوع الحكومة والتأليف، قال باسيل: “لنرجع الى المبادرة الفرنسية، أول خطوة فيها كانت الإلتزام ببرنامج إصلاحي تم الإتفاق عليه ويصلح أن يكون مسودة لبيان وزاري، ونحنا نطالب بإضافة بنود عليه ليكون برنامجا متكاملا ومفصلا على قياسنا ومتناسبا مع صندوق النقد. والخطوة الثانية بالمبادرة، هي تأليف حكومة مهمة Gouvernement de mission مهمتها تنفيذ البرنامج الإصلاحي، تمهيدا لثالث خطوة التي هي المؤتمر الدولي في فرنسا. إذن الأولوية الآن هي لحكومة مهمة، وعندما نقول مهمة فذلك يعني أن فترتها محددة بتنفيذ المهمة او عدمها”.
أضاف: “ما يهمنا نحن هو تنفيذ المهمة أي الإصلاح. لهذا حددنا من اللحظة الأولى أن ما يهمنا هو أمر واحد، أن تكون الحكومة منتجة وفاعلة وإصلاحية، برئيسها ووزرائها وبرنامجها. في الإستشارات بلغنا هذالموقف الى رئيس الجمهورية والى رئيس الحكومة، وقلته انا في الإعلام في بعبدا وفي عين التينة، وأن لا مطلب ولا شرط لدينا في الحكومة سوى قدرتها على تنفيذ البرنامج الإصلاحي المحدد. عندما نقول ليس لدينا شرط يعني مشاركتنا بالحكومة ليست شرطا لدعمها، لا بل أكثر من هذا، نحن ليست لدينا رغبة في المشاركة بالحكومة، ولا نرغب في أن نشارك فيها. كثيرون يتكلمون معنا لضرورة مشاركتنا وأن لا حكومة تتشكل من دوننا، ونحن نجيبهم أن رئيس الجمهورية بتمثيله وميثاقيته يغطينا ويغطي الحكومة ويعوض عنا في هذه الظروف الاستثنائيّة”.
وتابع: “لا نشارك ولكننا نساعد الحكومة في إنجاز الإصلاح، ونواكبها ونساعدها من المجلس النيابي. بالمناسبة ما من أحد يعرف مقدار الجهد الذي نحاول أن نضعه الآن لإقرار القوانين الموجودة في المجلس بمعزل عن تأليف الحكومة، الآن موجودة في المجلس قوانين الCapital Control، الشراء العام، واستقلالية القضاء، وقوانين مكافحة الفساد وعلى رأسها استعادة الأموال المنهوبة، واستعادة الأموال المحولة والأهم في هذه القوانين قانون كشف الحسابات والأملاك للقائمين بخدمة عامة من سياسيين وموظفين، ونستطيع إقرار هذه القوانين بسرعة اذا اشتغل المجلس يوميا بالاضافة لموازنة 2021 التي ينبغي أن تكون ترجمة للاصلاح المالي والاقتصادي. نحن نعرف ماذا نريد، ونسهل تأليف الحكومة بكل ما يتطلبه الأمر. ولكن بدافع الحرص على حسن التأليف ونجاح المهمة، ننبه للمخاطر ونطرح الأسئلة المفيدة لتجنب الوقوع في الأخطاء القاتلة للمهمة نطرحها لإعطاء النصيحة، وإن لم تأت الأجوبة، سنبقى على موقفنا المسهل”.
وسأل: “لماذا الإصرار على إسناد اكثر من حقيبة للوزير في الوقت التي هي وصفة فشل للوزير وحمل كبير وليست رشاقة، إذ بالكاد يستطيع ان يلبي عمل وزارة، فكيف سيلبي عمل اثنتين؟ التجارب السابقة والمحاولة الأخيرة في حكومة حسان دياب أكبر برهان. لماذا رفض اعتماد المداورة في هذا الظرف بالذات، عندما يمكنك ان تكون عاملا مسهلا ولا تمنع حصول اي طائفة او فريق على أي وزارة؟ نحن مع المداورة، لكننا لسنا مع الاستقواء بالخارج لفرض شيء على بعضنا، ولسنا مع استغلال وضع معين لكسر بعضنا. نحن مع المداورة، ولكن لو حصلت طائفة على وزارة مرات عدة، بما فيها هذه المرة، لا يخلق عرفا دائما، فالعرف يكون بقبول الجميع، والدستور واضح بعدم تكريس وزارة لطائفة، اما إذا كان الهدف تكريس التوقيع الثالث فهذه مثالثة ونحن نرفضها حتما. لن أفتح جدلا في الموضوع. نحن نسير بما سيتم الاتفاق عليه من دون ان نعترف بتكريس عرف”.
وسأل: “لماذا الإصرار على تشكيل حكومة من فريق واحد، من دون التشاور مع أحد تحت عنوان الاختصاص وعدم الولاء الحزبي والاستقواء بالخارج؟ رئيس الحكومة بعد تشاور وتشارك يحصل على العدد اللازم من النواب لتكليفه بالاستشارات النيابية، الا يجوز التشاور والتشارك بين رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية والكتل النيابية التي ستعطي ثقة للحكومة في المجلس النيابي؟ طبعا التشاور والتشارك بالأسماء والوزارات على قاعدة الاختصاص والخبرة والقدرة والنزاهة وحتى عدم الولاء الحزبي، لكن هذه المواصفات والأسماء يحددها فريق واحد في البلد من دون غيره ولا يملك الأكثرية البرلمانية وحده؟ أهكذا يعمل النظام البرلماني في دول العالم؟ في كل الأحوال، نحن غير معنيين بهذه القصة، لا بتوزيع الأسماء ولا بالحقائب ولن ندخل فيها، لكننا خسرنا 12 يوما من اصل 14 من دون تشاور لنحشر الرئيس بانتهاء مهلة الأسبوعين خوفا من فشل المبادرة الفرنسية وانهيار الوضع الاقتصادي. في هذا المشهد، من يكون يريد كل شيء والا يفشل، ومن يكون لا يريد شيئا ويسهل؟”
وقال: “آمل ألا يكون السيناريو المطروح اليوم وفهم من اللحظة الأولى، إما ان تتألف الحكومة كما نريد أو نعتذر وتفشل المبادرة وينهار البلد. أهكذا نؤمن مناخا إيجابيا لعمل الحكومة مع رئيس الجمهورية؟ أهكذا نؤمن ثقة للحكومة من المجلس النيابي؟ أهكذا نؤمن تعاونا للحكومة مع المجلس النيابي لتنفيذ البرنامج الإصلاحي؟ أم هكذا نعطل المبادرة الفرنسية ونفشل البرنامج الإصلاحي؟ هل هذا المطلوب؟ عدم تنفيذ الإصلاح؟ أكرر، أنا أطرح اسئلة وأنصح وأنبه، لكن بكل الأحوال، لن نكون إلا مسهلين لولادة الحكومة وموافقين على كل ما يتم التوافق عليه. المطلوب من الحكومة بعد تأليفها معروف، اذا نفذته نستمر بدعمها، وإذا لم تنفذه، نوقف دعمنا. وهذا حقنا، ولا احد يمكن ان ينزع منا هذا الحق”.
أضاف باسيل: “سأنتقل بموضوع الحق لأتكلم عن التيار وللتيار. ممارسة الحق عندنا هي ممارسة مسؤولية، الحق والمسؤولية لا ينفصلان عن بعضهما، وممارستهما عمل إيجابي، ولو لم يؤد الى نتيجة، ولكن لا يؤدي بنا الى اليأس إنما الى مزيد من العمل لإبقاء الأمل. هذا التفكير الإيجابي ربما وحده لا يكفي، لكن على الأقل يفتح أبواب الأمل بدلا من اليأس، أما الفكر السلبي فيؤدي إلى اليأس او التيئيس ويولد الحقد الذي نشهده عند الذين يهاجمون. نحن ننتمي إلى مدرسة الطاقة الإيجابية التي تولد العمل والأمل. وهناك أناس ينتمون إلى مدرسة السلبية، لا يعرفون الا ان يلعنوا ويشتموا ويخربوا. أمس اندلع حريق معيب في المرفأ، منهم من ركض مع الإطفائيين وضحى لإخماده، وهناك سياسيون ركضوا ليصبوا الزيت على النار ويستثمروا بالخوف ليحققوا مكاسب سياسية رخيصة. هذا النوع من السياسيين معمي بالحقد، مسكون بالكراهية، تفكيره وأقواله وأعماله لا تنتج إلا الخراب، ولا تجلب إلا الويلات. هكذا هو ماضيهم، وهكذا هو حاضرهم وهكذا هو مستقبلهم. لا يعيشون إلا على الرهانات الخاسرة، ولم يتعلموا من تجارب الماضي الكثيرة ولن يتعلموا مما سيحصل غدا. يذهبون برهاناتهم الى البعيد ولا يعرفون العودة إلا مهزومين وهازمين ناسهم معهم. لكن نحن إرادة الخير عندنا أقوى من ارادة الشر عندهم، ولو مهما طال النحس على البلد سيزول”.
وتابع: “لن ندع مدرسة الحقد والنكد السياسي تجر البلد الى الخراب، حتى الثورة الصادقة سرقوها، وحتى صدق الناس سرقته الميليشيا، وبقيت ثورة الزعران. فهل عقلية الميليشيا تقوم بثورة صادقة؟ الميليشيا تعرف ان تسرق وتقتل وتخرب. هكذا استغلوا الحراك، وأصبح جزء منه يكسر ممتلكات عامة وخاصة، ويشتم وما عاد يقدم فكرة إيجابية واحدة. شاهدوا مشاهد التخريب في العاصمة ومشهد امس عند القصر الجمهوري، واحفظوا مشهد أمس. أنتم لم تستطيعوا أن تكسروا رمز الشرعية في العام 90 إلا أن استعنتوا بطائرة أجنبية محروسة بطائرة أجنبية ثانية أعلى منها، تأتون اليوم لتكسروا رمز الشرعية في لبنان، وتكسروا قائدا عنده شعب يدافع عنه؟ طالما هناك تيار وطني حر، ميشال عون لا ينكسر، وطالما هناك شباب ونساء لديهم قضية وطنية، التيار لا ينكسر، وطالما هناك قبضايات وفي الوقت عينه أوادم في التيار، فالتيار لن يصبح ميليشيا ولكنه لن ينكسر للميليشيا وسينتصر عليها. بآدميته، بنظافته، بطيبة ناسه، بشجاعة شبابه وانضباطه وقيادييه، سيبقى التيار مدرسة النضال والطاقة الإيجابية. هكذا نحن لا نتغير، يتغير كل شيء حولنا ونبقى نحن نحن”.
وقال: “نحن مع ثقافة الفعل والإنجاز الذي يحكي عنها المرشد الروحي الهندي Sadhguru ولسنا مع ثقافة منع الفعل والتخريب. أنا اتحدث دائما في الاعلام عن ثقافة العمل مقابل ثقافة الحكي لأنها إحدى أهم العلل في هذا البلد. ليس قليلا أن مئات قليلة من الناس، تحتفل لأنها اوقفت مشروع مياه يغذي 1,4 مليون نسمة ولا احد من 1,4 مليون يحكي، يضيع على الدولة من توقيف سد حوالى 500 مليون دولار من دون مقابل لتأمين المياه، ويحتفلون. ليس قليلا أن يفتخر أحد علنا انه اوقف معمل كهرباء ومنع عن كل الشعب 24/24 ساعة كهرباء ولا احد يحكي، وبعد ذلك يطالبك الناس بالكهرباء! ليس قليلا ان يجاهر أحد انه منع عن اللبنانيين السيارات على الغاز ليوفروا 60% من ثمن الفيول، ولا احد يعاتبه؟ وبعد ذلك يسألك الناس عن غلاء البنزين. ليس قليلا ان هناك اناس تفرح بالإعلام أن لا غاز في بحر لبنان. مئات الأمثلة والمشاريع من خط الغاز لمحطة التغويز، لشبكات الاتصالات، لقوانين الفساد، لقانون ضمان الشيخوخة، وهناك من يفتخر بتوقيف هكذا مشاريع مهمة للبلد”.
أضاف: “تصوروا أن فريقا سياسيا يفاخر أنه لم يقم بأي مشروع في حكومتين لمدة ثلاث سنوات ولم يقدم فكرة واحدة إلا محاربة فريق ثان وتوقيف مشاريعه، ويرى انه هو نموذج الوزراء الناجحين. لماذا ناجحون؟ لأنهم لم يفعلوا شيئا وبالتالي لم ينتقدهم احد. هذه هي ثقافة العمل مقابل ثقافة التخريب. يكون بطلا في لبنان من يسكر طريقا ويمنع مشروعا ويوقف سدا ومحطة كهرباء وصرفا صحيا وغازا وطريقا وجسرا ومرفأ وسكة حديد. لبنان لن يعمر الا اذا انتقل اللبنانيون الى عقلية ان البطل ليس من يكذب ويخرب ويسكر ويكسر، البطل هو الذي ينجز ويعمر ويبني دولة ولا يهدمها. هذه هي قيمته للتيار! لذلك هو مختلف، لذلك يدفع الثمن عن كل الناس، لأنه غير عقلية وغير ذهنية، وهو الذي يقوم بالتغيير في الثقافة الجماعية ولو كان يدفع الثمن، نحن أول من وضع الخطط في هذه الدولة ودفع الثمن. فهل سأل أحد لماذا لم يضع الوزراء من قبل خطة نقل وسكك حديد ومرافىء وتنظيم مدني؟ لا. هاجموا التيار لأنه وضع خطط محاربة فساد وكهرباء ومياه ونفط واتصالات ومهجرين ونازحين.
وسأل: “هل فهم أحد من قبل ان السيادة المفقودة بالوصاية الخارجية لا تستطيع ان تنتج قرارا حرا لصالح البلد، وان ما سموه استقرارا كان رضوخا للخارج ورهن القرار المالي للبنان وأوصلنا الى الإفلاس لنخضع لمشاريع مهددة للكيان؟ هل فهم احد من قبل ان سرطان الفساد نخر جسم الدولة وأنهك مؤسساتها، وحول الوطن ساحة للتدخلات الخارجية التي رهنت اقتصاد البلد ودخلت على ملعب خياراتنا المالية والوطنية؟ عرفتم لماذا نحن في التيار مستهدفون وندفع الثمن؟ عرفتم لماذا نشعر باننا نصاب بكرامتنا وبصميم سيادتنا، عندما تفرض عقوبات خارجية على بلدنا بدلا من أن يفرض قضاؤنا عقوبات على الفاسدين عندنا؟ وعندما يخطف أحد قياديينا نشعر بأننا نحن خطفنا؟ وعندما يضرب مكون من مكوناتنا من الخارج، نشعر بأننا نحن ضربنا؟”
وختم باسيل: “لا تسألوا بعد اليوم، بل واجهوا وادفعوا، سواء خسرتم أو ربحتم، فالوطن سيربح وأنتم ستربحون معه”.