فيروس كورونا: غضب أطباء بمصر لاتهام الحكومة لهم بالتسبب في ارتفاع الوفيات

أطباء مصريون يعالجون مريضا في مستشفى

AFP

حالة من الجدل أثارتها تصريحات رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي حول مسؤولية بعض الأطباء عن ارتفاع أعداد الوفيات جراء فيروس كورونا في البلد.

رئيس الوزراء، خلال مؤتمر صحفي أعقب اجتماع اللجنة العليا لمكافحة فيروس كورونا، قال إن عدم انتظام بعض الأطباء بالمستشفيات كان سبباً في زيادة عدد الوفيات بكورونا خلال الفترة الماضية.

وأوضح مدبولي أنه حدث تغيب من عدد من الأطباء، حسبما لوحظ في بعض الأماكن، وعدم انتظام الأطقم الطبية في أداء عملها، حسب وصفه. كما قال إنه وجّه المحافظين باتخاذ الإجراءات اللازمة حيال ذلك.

لاقت تلك التصريحات ردود فعل غاضبة من قطاع كبير من الأطباء وأعضاء الأطقم الطبية في البلاد.

أمينة علي أحد أعضاء الأطقم الطبية في مستشفى صدر إمبابة، وهي إحدى مستشفيات العزل التي خصصتها الحكومة لعلاج مصابي كورونا. وتقول لبي بي سي إنها كانت تنتظر من الحكومة ورئيسها تقديرا للجهود والتضحيات التي مروا بها خلال الفترة الماضية بدلا من تحميلهم المسؤولية عن ارتفاع أعداد الوفيات، أو التغيب والتقصير في أداء عملهم.

وتشير أمينة إلى أنها تعافت قبل أيام من فيروس كورونا، والذي نقلته إلى زوجها سيد الخولي. وتؤكد أمينة أن نقص الإمكانيات ووسائل الحماية والتعقيم هو ما أدى إلى إصابتها بالفيروس، وأنها كانت ترسل ملابسها إلى زوجها كي يقوم بغسلها في المنزل وإعادتها لها أثناء إقامتها في المستشفى بسبب إجراءات العزل والعلاج، وهو ما أدى إلى إصابته هو الآخر بالفيروس، حيث مازال يتلقى العلاج حتى الآن.

حكاية أمينة واحدة من مئات الحالات للأطباء والأطقم الطبية في أكثر من 340 مستشفى خصصتها الحكومة المصرية لعلاج مصابي كورونا، إلى جانب بعض مقدمي الخدمة في المستشفيات الخاصة.

ظروف عمل صعبة

يقول الأطباء إنهم يعملون في بيئة عمل صعبة جدا، حيث يعملون لساعات طويلة من دون إجازات أو أوقات كافية للراحة، كما اشتكى قطاع كبير منهم – عبر أكثر من بيان لنقابة الأطباء – من عدم توفر وسائل الوقاية من كمامات ومطهرات ومواد تعقيم، وأن بعضهم كان يشتريها على حسابه الخاص، وبعضهم لا يجدها متاحة في الصيدليات، كما يشتكي بعض الأطباء من عدم توفر مسحات طبية للكشف عن إصابتهم أو إصابة مخالطيهم بعد انتهاء نوبات عملهم داخل مستشفيات العزل.

وفي مواجهة تصريحات رئيس الوزراء المصري الأخيرة، نشرت نقابة الأطباء بيانا رسميا طالبت خلاله رئيس الوزراء بالاعتذار، مشيرة إلى أنها ستتسبب في “تأجيج حالة الغضب ضد الأطباء وزيادة تعدي المرضى ومرافقيهم على الأطقم الطبية وتسلل الإحباط إلى جميع الأطباء”.

وقالت النقابة في بيانها إن “رئيس الوزراء تجاهل الأسباب الحقيقية للوفيات من عجز الإمكانيات وقلة المستلزمات الطبية والعجز الشديد في أسرة الرعاية المركزة”، وهي الأسباب التي ترى نقابة الأطباء أنها تتسبب في ارتفاع أعداد الوفيات في البلاد جراء انتشار الإصابة بفيروس كورونا.

“جيش مصر الأبيض”

وفي تعقيبه على حالة الجدل التي أثارتها تصريحات رئيس الوزراء، يقول المستشار نادر سعد المتحدث باسم مجلس الوزراء المصري إن مدبولي لم يعمم في تصريحاته بشأن رصد حالات تقصير من جانب الأطباء.

وأوضح سعد أن رئيس الحكومة قصد في كلمته توجيه اللوم لقلة من الأطقم الطبية غير الملتزمة، مؤكداً أن أطباء مصر أبطال ويستحقون بالفعل لقب “جيش مصر الأبيض”.

المتحدث باسم مجلس الوزراء المصري كرر ما قاله مدبولي من أنه تم رصد “نسبة يُعتدّ بها من عدم التزام الأطقم الطبية، وعدم وجودها في أماكن عملها، ما نتج عنه قصور في الخدمات الطبية والتسبب في حالتي وفاة على الأقل في شكاوى رسمية أحيلت إلى النيابة العامة للتحقيق”.

“ماما سناء”

المدونة المصرية بموقع يوتيوب، المعروفة باسم “ماما سناء”، كانت من بين الحالات التي أثيرت قصتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث توفيت مؤخرا متأثرة بمضاعفات الإصابة بفيروس كورونا.

يقول محمد شاكر، نجل “ماما سناء” التي عرفت بمقاطع فكاهية خفيفة تمزح فيها مع أبنائها عبر تطبيق تيك توك وموقع يوتيوب، إنها توفيت بسبب الإهمال الطبي من مسؤولي مستشفى.

يقول شاكر في أحد المقاطع المصورة التي بثها عبر صفحته لشرح مشكلته: “أمي ماتت قدام (أمام) عيني وأنا مش عارف أعملها حاجة .. قلت للدكتور في المستشفى وفر لي إسعاف وأنا هروح أوديها على حسابي في أي مستشفى فقال لي ماعنديش إسعاف .. مستشفى مفيهاش إسعاف؟ .. اللهم لا اعتراض وهي نصيبها بس قلبي واجعني عليها”.

وقال شاكر في مقطع مصور آخر: “تواصلت مع أحد الأطباء واستشرته بخصوص الحالة وقمت بشراء الأدوات الطبية اللازمة وجهاز التنفس الصناعي، استعدادا لمعالجة أمي بالمنزل”، مشيرا إلى أنه اتصل بخط للطوارئ أكثر من 200 مرة ولم يجبه أحد.

وعقب انتشار قصة الوفاة الدرامية، قرر محافظ البحيرة إحالة مدير المستشفى التي ماتت فيها وطبيبين للنيابة بتهمة الإهمال.

وفي ظل ارتفاع أعداد الإصابات التي تكشف عنها وزارة الصحة، والتي تجاوزت 50 ألف إصابة، ارتفعت حالات الوفاة لأكثر من 1900 حالة وفاة.

وتقول نقابة الأطباء في أحدث بياناتها إن عدد الوفيات في صفوف الأطباء منذ بداية أزمة كورونا وصل إلى نحو 100 حالة وفاة، بينما تجاوزت الإصابات 3 آلاف حالة.