مار جرجس في راشكيدا – البترون، هي كنيسة قديمة من العصور الوسطى، تتألف من كنيستين، الاولى كناية عن عمارة بازيليكية مؤلفَّة من صفَّين من الاعمدة وثلاثة أروقة، اما الكنيسة الثانية فتنفتح وراء الاولى وهي من دون اعمدة، ويرتكز سقفها المؤلَّف من عقدين على الكنيسة الاولى .
وتحتفظ جدران الكنيستين ببقايا جدرانيات، ولكن لم يبقَ من هذه الرسوم سوى أجزاء ضئيلة حتى انه يصعب على الزائر ان يشاهد أياً من تفاصيلها، ممّا دفع جمعية ترميم جدرانيات كنائس لبنان الى الاهتمام بهذه الكنيسة منذ سنة 2012، اذ استقدمت مرمِّمين من روسيا على رأسهم البروفسور سارابيانوف الذي توفي عن عمرٍ يناهز السادسة والخمسين. وقد أدَّت وفاته الى تأخير عملية الترميم، وكانت قد انطلقت معه وبمعيَّته فريق من المرمّمين الروس ولم يكشف سارابيانوف فقط عن الرسوم التي كانت شبه ظاهرة، بل اكتشف رسوماً اخرى. وجرى العمل في الكنيسة الداخلية حيث كُشف عن مشهدٍ رائعٍ للعذراء والطفل يتوسطان القدّيسَين بطرس وبولس.
اما في “الحنيَّة” الاولى فكُشف بعد عملية التنظيف عن صورة النبي ابراهيم يضحّي بابنه إسحق، وتظهر في “الحنيَّة” الثانية صورة التضرع مع المسيح المتعرّش ويتوسط العذراء ويوحنا المعمدان.
اما المفاجأة اللافتة للإنتباه فكانت عندما اكتشف سارابيانوف في المساحة الموجودة بين “الحنيَّتَين” مشهداً لصلب المسيح حيث كانت الصورة مخبّأة تحت طبقة من الكلس المتجمّد والمكدَّس على جدران الكنيسة منذ مئات السنين والواقع ان عملية ازالة هذه الترسبات الكلسية معقَّدة ودقيقة لأنه ينبغي نزعها يدوياً بواسطة أدواتٍ صغيرة كالسكّين والشفرة وورقة الزجاج .