عندما فتك داء الجدري بأهالي البترون

ارشيفية

نبيل يوسف *
شتاء العام 1906 عرفت مدينة البترون والقرى المحيطة أسوأ أيامها، بعد أن فتك داء الجدري بالأهالي، فأقفلت الدوائر الحكومية والمحلات ولزم الناس منازلهم والعديد منهم هربوا باتجاه الجبال رغم البرد والصقيع.
وليتمكن الموظفون من متابعة شؤون المواطنين، قرر أسعد بك ضو مدير ناحية البترون الساحلية نقل دوائر المديرية مؤقتاً من مدينة البترون واختار بدايةً عبرين، لكنه لم يوفق بمركز فنقلها إلى بجدرفل المجاورة، فانتقلت جميع الدوائر إلى بناء يقع عند مدخل بجدرفل حيث حالياً مركز سان باتريك التجاري.


كيف أصيبت البترون بداء الجدري؟
بحسب ما أورده الدكتور ميشال أبي فاضل في كتابه عن سيرة حياة ابراهيم بك عقل: في مراسلات الشرق Relations d orient للعام 1906 التي كان الآباء اليسوعيون يتبادلونها مع إداراتهم في أوروبا، أن جندياً من الرديف الآتين من اليمن، نزل مع رفاقه في جونيه بدل أن ينزلوا في بيروت، ومن جونيه أرسل الجنود بسرعة إلى البترون، وكان هؤلاء في حالة سيئة للغاية.


فتحت لهم جميع الخانات، وأول خانجي إستقبلهم، وكان له أولاد يعيشون معه في الخان، أمضوا بعض الوقت في التسلية مع الجنود، واثناء اللعب أصيب أحد أولاده بالمرض، وما هو إلا أسبوع حتى فارق الحياة.
سار ذعرٌ في المدينة، فخلت الشوارع من الناس، ومن أصيب بوجع بسيط في رأسه ظنّ أنه أصيب بالجدري، فأقفلت المدارس أبوابها، وترك موظفو السراي وظائفهم، وإنقطع المؤمنون عن إرتياد الكنائس، ولم ترجع الأمور إلى نصابها إلا بعد شهرين، نجح بعدها الأب جورج أنجليل في إعادة فتح المدارس
بعد أشهر زال خطر الجدري وتخلصت البترون والقرى المحيطة من هذا الداء الفتاك، فعادت دوائر المديرية إلى البترون.
* كاتب ومؤرخ