كثرٌ هُم الاقوياء.. اما عن الأبطال ففي كفرعبيدا تجدهم..
كان ذلك في ايار 1992، عمت تظاهرات في الشارع اللبناني احتجاجا على تردي الوضع الاقتصادي.
تلك الحركة عُرفت ب”ثورة الدواليب” بعد ان ترافقت مع احراق اطارات في معظم المناطق اللبنانية تصاعد منها الدخان الاسود مغطيا كل سماء لبنان تقريبا. الحركة اتت بعد ان وصل سعر صرف الليرة اللبنانية الى أدنى مستوياته (ثلاثة آلاف ليرة للدولار)، من دون ان تنجح الحكومة في وقف التدهور.
تلك الحكومة برئاسة عمر كرامي كرست هيمنة سوريا على الحياة السياسية في لبنان.
يومها غضب شباب كفرعبيدا فهمّوا وتكفلوا بقطع طريق المدفون، قطع الطريق كان كاملا وحازما لدرجة التصادم مع الجيش واطلاق النار ثم إعتقال العديد من شبابنا.
الموضوع سأعود اليه بالتفصيل في مناسبة أخرى الا ان خبري اليوم عن حادثة صغيرة حصلت يومها ولها الكثير من العبر.
اثناء التصادم مع الجيش كنت احمل كاميرا تعود لأخي انيس، وثّقت فيها الكثير من الصور المروعة عن كيفية اقتحامنا ودفاعنا داخل ألسنة النار، وخلال محاولة جندي نزع الكاميرا من يدي حاولتُ المقاومة، لدرجة انني تطلعت فوق رأسي لأرى بندقية متجهة صوبي وبلمحة رأيت احدهم يرمي بنفسه فوقي لتأتي ضربة البندقة على كتفه، أنقذ جسدي من ضربة لم أكن لأتحملها.
انه البطل جوزف سمعان، هذه قصة صغيرة حصلت في تسعينات القرن الماضي، اما عن السبعينات فتضحياته وبطولاته مع رفاقه الشهداء والابطال من بلدتي كفرعبيدا، قد سطرت الملاحم في الدفاع عن مجتمعنا، والحق يقال انه لولاهم لكنا نعيش اليوم مشردين في دول العالم.
ومذ كنت صغيرا كنت أسأل دوماً، لماذا شبابنا لم يخرجوا مع معركة سوى منتصرين؟ الجواب انهم جميعاً يفعلون كما فعل جوزف، يحمون بعضهم بعضا.
رحم الله ترابك أيها الحبيب.. ما زلت أراك في هامات اولادك الشامخة.
ميشال الزبيدي