ميشال الزبيدي
ما حصل اليوم بين شركة الميدل إيست واللبنانيين، عندما انتفضوا بعد قرار الشركة تسعير بطاقات السفر بالدولار الاميركي حصرا، ذكّرني بقصة اخبرني بها “لبناني عتيق” من سكان جبل لبنان في القرن الماضي.
حكي انه في ضيعة بجبل لبنان زمن المتصرفية، بعيدة لساعات عن بيروت، كان “أبونا طانيوس” كاهن القرية، عائدا لتوه من زيارة شهرية للعاصمة، وما ان وصل حتى تحلّق حوله أبناء الضيعة، متفرجين على ما إشتراه الأبونا من العاصمة، وكان كلما سأله احدهم عن السعر، يجيب بانه اشترى هذه وتلك ببخس الاثمان، والحقيقة ان السعر هو أضعاف ما صرح به، هدفه كان الإيحاء بانه قادر على الشراء بأسعار منخفضة، فما كان من أهل الضيعة الا الطلب منه شراء نفس البضاعة مع دفع الثمن وحبة مسك.. كيف لا؟ فالأسعار رخيصة وبيروت بعيدة، وهكذا كان.. ففي رحلته الثانية إلى بيروت عاد محملاً بالبضائع، للجيران والاقارب وأهل الرعية، بضائع دفع فرق أسعارها من جيبه، لانه لا يمكن أن يتراجع عن كلامه، فهو الكاهن الموقر، الذي لا يمكن ان يقول سوى الواقع، وهكذا خسر الكثير من أمواله ثمنا لحقيقة أخفاها، وأكاذيب لفقها.
بونا طانيوس هو رياض سلامة، ومن لف لفيفه في دولة تعيش حالة إنكار، قالت للناس زوراً، ان سعر الدولار هو ١٥٠٠ ليرة، فأجاب الناس أعطونا من هذه البضاعة… وطابخ السم آكله.