لقد شكلت السياحة الصيفية محطة هامة في منطقة البترون، وقطاعاً يرتكز عليه أصحاب المؤسسات السياحية، التي تنتشر في جرد المنطقة ووسطها وساحلها. إلا أن الحركة السياحية تبدو خجولة جداً العام الحالي، حيث تراجعت بنسبة 30 في المئة، خلافاً لما كانت تسجله من نسبة مرتفعة في حجوزات المنتجعات والفنادق في السنوات السابقة، مرتكزة على المغتربين والسياح الأجانب.
ويتفاوت النشاط السياحي في البترون بين منطقة وأخرى، فللساحل البتروني سياحته البحرية، حيث تنشط المنتجعات السياحية والمسابح المنتشرة من جسر المدفون حتى بلدة شكا. حيث تشهد إقبالاً من السياح المحليين الذين يقصدون شاطئ البترون وبحرها لقضاء عطلة الصيف. وذلك ما يشير إليه رئيس «النادي اللبناني لليخوت» ربيع سالم من خلال عملية رصد لحركة المسابح والشواطئ، مؤكداً على نسبة التراجع، قياساً إلى التي كان يسجلها الحضور الأجنبي، والمغتربون خلال المواسم الماضية. ويلفت إلى «أن الحركة الصيفية البحرية كانت تسجل نسبة مرتفعة تصل إلى 85 أو 90 في المئة. ولكن هذا لا يعني أن السياحة الصيفية البترونية بخير، لأن هذه الحركة المرتبطة بالمنتجعات والحجوزات في الفنادق غابت بنسبة عالية هذا العام بسبب الأوضاع الأمنية التي انعكست على مجيء المغتربين من أبناء البترون والمناطق اللبنانية الأخرى بالإضافة إلى السياح الأجانب». أما وسط البترون فله سياحته الدينية التي تستقطب الزوار من مختلف المناطق اللبنانية ما ينعكس على حركة المطاعم، التي تعمل على طول طريق القديسين من جسر المدفون مروراً ببلدات راشانا وتحوم، إلى جران ودريا وشبطين وكفيفان وغيرها من القرى والبلدات المحيطة بالأديرة وأضرحة القديسين.
الموسم السياحي انتظره أصحاب المطاعم المنتشرة في الوسط البتروني، ولكن حساب الحقل لم يطابق حساب البيدر، لتقتصر الحركة على عطلة نهاية الأسبوع، كما يقول شربل الياس، صاحب مطعم على طريق القديسين، «ما شهدناه حتى الآن موسماً ضعيفاً معدوماً في وسط الأسبوع وحركة مقبولة يومي السبت والأحد، ولكن ليس بالشكل المطلوب، علماً أن الحركة التي نشهدها هي بفضل الأندية والجمعيات البترونية التي تنظم حفلاتها وسهراتها الصيفية في مطاعم المنطقة. أما لجهة المغتربين فلم تسجل حتى اليوم سوى نسبة اثنين في المئة قياساً مع السنوات السابقة. نجهز فريق العمل والخدمة، وكل مستلزمات المطعم لاستقبال الزبائن، ولكن لا زبائن إلا خلال يومين من أصل سبعة أيام».
وإلى جرد البترون الذي يتميز بسياحته البيئية الطبيعية التي تعتمد على المواقع الطبيعية من بالوع بلعا ومحمية أرز تنورين، مروراً بشلالات كفرحلدا السياحية التي تشكل مشهداً طبيعياً يتمتع به السائح من بعيد من دون وجود أي طريق يؤمن الوصول إليه. وليس بعيداً «مزار بيت القديس نعمة الله كساب الحرديني» في حردين بيت كساب، في أعالي منطقة البترون. ذلك إلى جانب العديد من المعالم السياحية، منها ما هو معروف ومنها ما هو غير معروف التي قد تستوقف السائح بلوحاتها الطبيعية الفريدة من نوعها.
تلك المنطقة السياحية بامتياز افتقدت وفود السياح الأجانب الذين تعودت أن تستقطبهم في فصل الصيف واقتصرت السياحة الجبلية والدينية والبيئية على المواطنين اللبنانيين الذين لم يملأوا فراغ الاغتراب والسياح الاجانب. إنهم أبناء البلدات الجبلية الذين انتقلوا من الساحل، لتمضية عطلتهم الصيفية والتمتع بطبيعة منطقتهم، لا سيما أن المنطقة الجردية تفتقر للمنتجعات والفنادق، باستثناء فندق دوما الوحيد الذي يستقبل زوار دوما ومحبيها ومحبي سوقها القديم ومعالمها الطبيعية والبيئية والسياحية. إشارة إلى ما يتم تأمينه من منازل صيفية للإيجار توضع في خدمة المواطنين اللبنانيين الذين يقصدون المناطق الجبلية بعيداً عن حر المدينة وضجيجها..