هي واحدة من أهم المدن اللبنانية التي لا تزال تحتفظ بطابعها الفينيقي العريق، إذ يتيح موقعها الساحر في شمال لبنان، العديد من المقومات التي جعلتها مقصداً سياحياً مهماً، بكل ما تزخر به من آثار وتراث على نحو يعضد موقعها على قائمة أقدم المدن في العالم، ليبدو السائر في دروبها، وأزقتها وكأنه مسافر إلى حقب موغلة في القدم.
ولا تصنف مدينة البترون كوجهة سياحية عالمية من طراز رفيع، بناء على معطيات تاريخية، فقط، فشواطئها الخلابة الواقعة على البحر الأبيض المتوسط، وبحرها ذو اللون الفيروزي النابض بمختلف الأنشطة البحرية، فضلاً عن مناخها الدائم الاعتدال الذي يشجع على القيام بالنشاطات الرياضية، وأطباقها البحرية الفريدة، والحياة الليلية في المدينة التي لا تنام، كلها عوامل تتضافر لتصنع هوية فريدة لـ «البترون».
تاريخ وحضارة
حافظ سكان البترون على هذه الهوية الفينيقية حتى اليوم، فهم يتناقلون تفاصيلها المعمارية الفريدة، عند بناء منازلهم، وأسواقها التي تحمل الطابع الحجري القديم التي ترجع إلى القرن التاسع عشر وتتميز بتكوينها البنائي من الحجر الرملي الصلد، وهو ما ينسحب على خصوصية بناء منازلها وفنادقها وتشييد نزل في الطوابق العلوي وخانات ومحال تجارية في الطابق الأرضي.
أصل التسمية
تم اشتقاق اسم البترون من الكلمة اليونانية (بوتريس) المشتقة من الكلمة (باتر) وتعني «يقطع» نسبةً للسور البحري المكون من كتلة صخرية بناها الفينيقيون في القرن الأول قبل الميلاد لحماية مدينتهم من الغزاة والأمواج العالية، فانهار جزء منه بفعل عوامل التعرية وقوة ارتطام الأمواج، حيث لا يتعدى طوله حالياً 225 متراً.
وتزخر البترون بالعديد من الآثار الفينيقية الأخرى، كالقلعة البحرية التي بناها «أيتوبعل» ملك مدينة صور اللبنانية، حصناً لمملكة الفينيقيين ولرد الغارات عن السواحل الفينيقية.تحتضن البترون بعض الآثار الرومانية كالمدرج الروماني المنحوت في تجويف صخري على شكل نصف دائري للدلالة على أهمية المدينة على الصعيد الثقافي في الفترة التي تمتد من القرن الثالث الميلادي من العام 31 ق.م إلى 250 ميلادية.
إعداد: نور الحجازي- مشاركة في برنامج القيادات الإعلامية العربية – لبنان