



نظمت منسقية البترون في “القوات اللبنانية” ندوة عن الاوضاع الاقتصادية والسياسية في لبنان، شارك فيها النائب السابق لرئيس مجلس الوزراء غسان حاصباني، عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب فادي سعد، والخبير الاقتصادي البروفسور روك أنطوان مهنا، وذلك في صالة رعية مار سركيس وباخوس في كفرعبيدا، بحضور النائب السابق انطوان زهرا، نائب رئيس اتحاد بلديات منطقة البترون نصر فرح، رئيس رابطة المخاتير جاك يعقوب، الأمين المساعد لشؤون المناطق جوزيف ابو جوده، سفيرة حقوق الانسان انطوانيت شاهين، رؤساء بلديات ومخاتير، منسق منطقة البترون في “القوات” الياس كرم، رؤساء المراكز، وحشد من القواتيين والمدعوين.


بعد النشيدين اللبناني والقواتي، قدم الندوة وأدارها سيمون سمعان وقال: “ربما لا نجد لبنانيا واحدا اليوم لا يحمل آلاف الأسئلة عن الوضع والمصير والمستقبل، لا يحمل أكواما من الهم، بعد ما أصاب البلد من نهب وهدر وإفلاس، ننام جميعا على وسادات من القلق ونستفيق، إذا غفونا، على صباحات مفتوحة على المجهول، لكل هذا ولسواه كانت هذه الندوة، وأهمية هذا اللقاء حقا، في أنه يقع في لحظة مفصلية مصيرية من تاريخ الوطن، فهو يقع أولا وسط أزمة لم نشهد مثيلا لها منذ إعلان دولة لبنان الكبير، وبعد انطلاق ثورة شعبية واسعة مستمرة نجحت في فرض التغيير، كما يقع قبل مناقشة الموازنة العامة خلال الأسبوع المقبل، وانطلاق حكومة جديدة تدور حول تشكيلها والنظرة الدولية إليها، الكثير من علامات الإستفهام”.
مهنا
وتحدث مهنا عن أسباب الأزمة والحالة اليومية المالية والمصرفية والحلول المقترحة للمشاكل، مقدما خطة إنقاذية “في حال أرادت الحكومة أن تنقذ الوضع” لافتا الى ان “الفساد هو من أبرز اسباب الازمة، ويكلف 5 مليار دولار سنويا بحسب دراسات البنك الدولي وجهات اخرى”، وقال: “منذ 30 عاما والفساد يتزايد عاما بعد عام بدلا من ان يتراجع خصوصا في السنوات الاخيرة، بالاضافة الى عدم الكفاءة في الادارة العامة في الدولة ما يضع لبنان في المرتبة الاخيرة بالنسبة لكفاءة الرسميين بشكل عام والادارة العامة، خصوصا ان الشخص المناسب لا يوضع في المكان المناسب وهذا يضع لبنان في المرتبة ما قبل الاخيرة، قبل اليمن، بين 15 دولة عربية في هذا المجال، كما ان حجم وانتاجية القطاع العام في مستوى متدن جدا، بحيث يتفوق على قطاع الكهرباء على مستوى العجز، وقصة إبريق الزيت المتعلقة بقطاع الكهرباء واضحة جدا للجميع، الى السياسات المالية والاقتصادية العشوائية الخاطئة، والجريمة الاكبر هي سلسلة الرتب والرواتب التي حذرنا منها ومن تداعياتها وانعكاساتها على خزينة الدولة، ولا يخفى على أحد ان السياسة الرسمية والخطاب السياسي المعتمدين من السلطة عدائيان تجاه الخليج والولايات المتحدة، والعقوبات تضاعفت وخسرنا الخليجيين الذين كانوا يقصدون لبنان للسياحة، الى الركود في الخليج وتراجع الصادرات وكذلك تحويلات اللبنانيين من الخارج والاستثمارات الخارجية المباشرة والمساعدات ضعفت، كل ذلك أدى الى عجزين في الميزان التجاري، وفي ميزان المدفوعات”.
وعرض مهنا للهندسات المالية الخاطئة وحالات الهلع عند المواطنين، ووضع المصارف والودائع، مقدما سلسلة من الحلول وقال: “منذ 100 يوم كان من الضروري تشكيل لجنة طوارىء إنقاذية من خبراء إقتصاديين ومصرفيين لضبط الوضع والحد من الفوضى المالية والاقتصادية، وتشكيل لجنة قضائية عليا مع هيئة تحقيق خاصة لاسترداد الاموال المنهوبة، بالاضافة الى زيادة رأسمال المصارف من الخارج وليس من الاموال الداخلية، وتنفيذ حملة تضامنية بين السلطة والسلطة النقدية وجمعية المصارف لضمان الودائع وتثبيت سعر صرف الليرة، بعيدا عن السياسات الشعبوية”، وشدد على “ضرورة تخفيض الدين السيادي وسندات الخزينة وشهادات الايداع والفائدة المرجعية لدى المراجع” داعيا الى اجراء رقابة في هذا المجال. كما شدد مهنا على ضرورة التنسيق مع صندوق النقد الدولي للاطلاع على اقتراحاتهم حول خدمة الدين العام، للتوصل الى جدولة مدروسة ووضع خطة متكاملة قبل طلب اي مساعدة من الخارج”.
ومن الحلول التي اقترحها مهنا، دراسة أسهم المصارف أو استثمار موجودات الدولة وهو ما قد يشكل مدخلا للخصخصة بالاضافة الى دمج المصارف وصولا الى جولة عربية لتأمين المساعدات من خلال سياسة صديقة وخطة متكاملة”، لافتا الى أن الاعتداء على المصارف ومصرف لبنان، “هو انتحار وأمر غير مقبول”.
سعد
واستهل سعد مداخلته بمقاربة سياسية للسياسات الاقتصادية وقال: “من يكون متفاجئا بما وصلت اليه الأمور في لبنان، فهو بالطبع لا يفهم شيئا عن السياسات الاقتصادية، فالأداء الذي شهدناه في ظل الحكومات المتعاقبة كان أداء يحتم النتيجة التي وصلنا إليها اليوم، لأننا في بلد بدون رؤية وبدون سياسات اقتصادية والتعاطي فيه مع الملفات يتم على القطعة، ومعظم الوزراء ليسوا اختصاصيين وفي حال كانوا كذلك فهم يتسلمون حقائب بعيدة عن اختصاصهم، وها نحن بعد 100 يوم للمواطنين في الشارع، أمام حكومة لا تلبي مطالب الشعب، لجهة الرجل المناسب في المكان المناسب على مستوى الاختصاصات، كل هذه السياسات أوصلتنا إلى ما نحن عليه اليوم في بلد يفتقر لمبدأ اعتماد المعايير، ومتى غابت المعايير انحرفت الأمور عن السكة الصحيحة”.
وأضاف: “قد يكون الفاسد بنظر المواطنين، هو ذلك الموظف الذي يرتشي ب10 آلاف ليرة لإنجاز معاملة او تلبية طلب مواطن، إلا أن الفساد الفعلي الذي ينهش جسم الوطن هو الفساد الآتي من السلطة الحاكمة التي تفكر بعقل “مافياوي” وتسيء استعمال السلطة بالفساد، لقد وصلنا الى مستوى أن الفاسد يفاخر بفساده ويتغنى باعطاء خدمة او التزام او تعهد لصديق أو قريب، وبالوقت نفسه يجاهر بتلقيه هدايا من أصدقاء، في حين سمعنا إحدى الوزيرات الاجنبيات في مؤتمر دافوس وخلال مقابلة تلفزيونية، تؤكد انه لا يحق لها بأصدقاء يقدمون لها الهدايا الباهظة الثمن، لأن كل هدية يكون لها طلب بالمقابل”.
وتحدث عن “نظرة الدولة وانعدام الرؤية لديها، خصوصا على مستوى ما يسمى نظام BOT وقانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، لنفاجأ بتطبيقه بطريقة خبيثة، للأسف لبنان يسير من دون سياسات اقتصادية على مستوى الاتصالات، ولبنان يملك هو ودولتان فقط في العالم قطاع الاتصالات، نحن على ثقة ان الشعب اللبناني ذكي لكنه يدار من سياسيين غير أذكياء احيانا، وفاسدين في بعض الاوقات واحيانا فاسدين واذكياء في الوقت نفسه، وهذا ما أوصلنا الى هنا، ومن كان باعتقاده أننا لن نصل الى ما وصلنا كان مخطئا، وكنا على ثقة ان أداء الطبقة السياسية سيوصلنا الى هذه النتيجة، وكما في قطاع الاتصالات المخصخص في معظم دول العالم، إلا في لبنان كذلك المطارات”.
وقال: “القطاع العام في لبنان الذي اتخمته السياسة على مدى سنوات، لا يستطيع أن يدير إنما عليه أن يملك ويتشارك في الادارة مع القطاع الخاص وهذه أفضل وسيلة للنجاح على مستوى ادارة الدولة، أما في موضوع الموازنات في بلد متعثر او غير متعثر نجد موازنات منسوخة وموروثة، باتت دفترا كدفتر “الدكنجي” يتم تحضيرها بدون اي سياسة اقتصادية، الا ان الوضع في لبنان إستثنائي ومن البديهيات اعتماد موازنات تقشفية واستثنائية خاصة بالوضع الراهن، هناك عدة اجراءات يمكن اتخاذها للوصول الى حيث يجب، ولكن لم يتم اتخاذ اي اجراء منها وهذا ما اوصلنا الى الوضع الذي نمر به اليوم، ودائما نتطلع الى النتيجة بدلا من العودة الى السبب، لأننا فقدنا كل المعايير ولأن المجتمع اللبناني بات محكوما من طبقة سياسية فاسدة وفاشلة في معظم الاحيان، وتتحكم بمصيره وهو مستسلم، وأكبر دليل على ذلك هو نسبة عدم المشاركة التي سجلت في الانتخابات النيابية، على أمل ان يتوجه المواطنون للتعبير عن رأيهم في صناديق الاقتراع في الانتخابات المقبلة، بدلا من التعبير في الشارع، وان يسجلوا موقفهم في كل استحقاق انتخابي، نيابيا كان او طالبيا او نقابيا، لأن التغيير يبدأ من هنا”.
وأكد سعد “اقتناعنا بكل مطالب الثورة أو بأسباب الحراك، ونحن نرى ان المطلوب أكثر من ذلك، والثورة كان من المفترض ان تحصل قبل الآن، إلا أنه لا يجوز ان نتصرف وكأننا في بلد لا نظام فيه، بغض النظر عن رأينا بهذا النظام أو بسقوط الجمهورية الثانية او عدم سقوطها، علينا بالحد الادنى احترام المؤسسات لكي نستطيع التغيير الذي لا يتحقق إلا عبر المؤسسات، وكل ما هو غير ذلك فنحن ذاهبون الى فوضى مجهولة النتائج. والأهم هو عدم الانجرار بمنطق التعميم وشعار كلن يعني كلن، ونحن نعرف ان الثورات تنطلق بمرحلة عاطفية تبدأ بالتعميم، إلا انه وكما درج في الثورات العالمية فإن المرحلة العاطفية تتحول الى مرحلة عقلانية لتركيب السلطة من خلال الانتخابات. من هنا ندعو الى انتخابات نيابية مبكرة كممر الزامي لتغيير الطبقة السياسية وتغيير السلطة. أما بالنسبة الى شعار كلن يعني كلن، فعلى كل السياسيين ان يكونوا تحت القضاء، إنما القضاء المستقل الذي بدونه لا محاسبة ولا شفافية ولا محاربة فساد، وفي الاقتصاد ايضا لا اقتصاد ناجح في العالم من دون نظام قضائي مستقل وفعال يكون أساسيا في محاربة الفساد، ومن ثم نتجه الى استعادة الأموال المنهوبة والى الإثراء غير المشروع ومن أين لك هذا وسوء استعمال السلطة، والمطلوب اليوم هو تطبيق المعايير المعتمدة في الدول المتطورة بدلا من استيراد معايير الدول المتخلفة التي لا تشبهنا ولا نقبل ان نشبهها”.
وإذ دعا الى “عدم التعميم في موضوع الثورة”، قال: “نحن نقبل أن يكون السياسيون كلن يعني كلن تحت سيف المحاسبة وعرضة للمساءلة. وكما انه لا يجوز التعميم بالنسبة الى السياسيين، كذلك لا يجوز التعميم بموضوع المصارف، وليس مقبولا، مهما كنا منسجمين مع الحراك، ان نساهم في ضرب القطاعين المصرفي والصحي، لأنهما يتعرضان لهجمة عشوائية قاسية”.
وشدد على “أهمية الحفاظ على رقي الثورة والحراك، ولتكن المؤسسات وسيلة للتغيير بقدر الإمكان، علما ان التغيير في السلطة هو ملك للناس، ولتكن نتائج هذه الثورة مثمرة ومنتجة”. وتوجه “الثوار” بالقول: “لا تنحرفوا بثورتكم عن المسار الصحيح ولا تشوهوا صورتها وتتحولوا الى ما يشبه أهل السلطة الذين ينظرون الى مطالبكم بعين الخوف والحذر ويحسبون لها ألف حساب”.
وردا على سؤال عن جلسة مناقشة الموازنة، قال: “موقفنا من موازنة 2020 لا يختلف عن موقفنا من موازنة 2019، وهذه الحكومة التي نعرف جيدا أن 8 آذار قامت بتأليفها واختارت وزراءها مع احترامنا لعدد منهم من أصحاب الكفاءات، ولكن للأسف ان عرابي اصحاب الكفاءات هم فاسدون، وبذلك لن يتمكن الوزراء من الخروج عن طاعة عرابيهم او من أوصلهم واختارهم. ولكن الحكومة إذا أرادت ان تحقق خطوة إيجابية، على رئيسها ان يسترد هذه الموازنة، ولا يجوز ان يتبنى موازنة من حكومات سابقة أدت الى ما أدت اليه وأن يصنف نفسه رئيسا لحكومة إنقاذ. من هنا على الحكومة طرح مشروع موازنة جديد يليق بالمرحلة الاستثنائية، لأن الموازنة الموجودة بين ايدينا تشبه الموازنات السابقة وستؤدي الى النتيجة نفسها. إنها فرصة، وأول الغيث هو الموازنات، ونحن بانتظار موازنة إصلاحية إنقاذية بالفعل، وإلا فالمراوحة سيدة الموقف، ولاسيما ان هناك من يبشرنا بالانهيار بدلا من إعطاء بصيص أمل للناس”.
حاصباني
ثم تحدث حاصباني، فقال: “اللقاء في هذا الظرف مهم جدا، خصوصا بعد مرور 100 يوم على التعبير عن الغضب والخوف والمطالب والتحرك. مهم أن نعيد تقييم الأمور واستعراض محطات سابقة لتحديد ماهية الوضع وكيف يمكن لنا الخروج من الأزمة”.
أضاف: “في العام 2008 كانت هناك أزمة إقتصادية عالمية طالت أوروبا والولايات المتحدة، وأدت إلى انهيار مصارف، فوجد العالم في لبنان ملاذا آمنا. وحول العديد من أصحاب الرساميل أموالهم إلى لبنان، ما خلق كتلة نقدية مصطنعة يقدر مجموعها مع ودائع المغتربين وشركات وغير مودعين بحوالى 20 مليار دولار. هذا خلق نوعا من البحبوحة واعتماد سياسات إستثمارية، وبالتوازي كانت الدولة اللبنانية تقترض من دون حدود ومن دون ضوابط. وعندما بدأت هذه الأموال بالشح، بدأت تظهر المشاكل تدريجيا. وطبعا تتذكرون أن الوضع على الأرض في صيف 2015 لم يكن مختلفا كثيرا عما يحصل اليوم من تحركات ومطالبة بالمحاسبة ومحاسبة الفاسدين، وكان هناك فراغ رئاسي وتعطيل مؤسسات وكانت هناك حكومة جامعة، لكن لم نكن نحن مشاركين فيها. وكان لبنان على وشك الدخول إلى الإنهيار، لكن إنتخاب رئيس وتشكيل حكومة ومن ثم إجراء انتخابات نيابية والقيام بهندسات مالية، كل ذلك أرسى حالا من الإستقرار وأجل الأزمة. لكن بعد فترة، كل ذلك لم يعط نتيجة، لأن الإصلاحات الموعودة لم تحصل ولم تعد الدولة بناء مؤسساتها ولم تحل أزمة الكهرباء السبب الأول للهدر، وكذلك الإتصالات ولا الكلفة العالية للقطاع العام، لا بل زادت كلفته ونسبة الإستدانة استمرت بالزيادة”.
وتابع: “في بداية ال2017، عندما بدأنا بمناقشة الموازنة، تحدثنا عن هذه العوامل، لاسيما الكهرباء التي تحتاج الى مقاربة فورية، وطرحنا حلولا كالعادة، واتهمنا بذاك الوقت بالتدخل بما لا يعنينا. ومن أصل 12 بندا لم يتم التطرق إلا إلى مسألة البواخر. فلو تم تطبيق ما نادينا به يومها لكنا اليوم في ال2020 خفضنا دعم الكهرباء من 400 مليار ليرة إلى 200 مليار ليرة، وبلغنا 17 ساعة كهرباء وبنهاية ال2020 بلغنا 24 ساعة ومن دون دعم. تخيلوا كم كنا وفرنا وكيف كان سيكون الوضع”.
وتحدث كيف أن “لبنان كان مطروحا من قبل شركتي سيمنز وإريكسون ليكون مركزا للإتصالات في العالم، مع ما يؤمن ذلك من استثمارات ووظائف. وبسبب السياسة التي اعتمدت، خسرنا هذا الموقع، وطبعا خسرنا الوظائف. فقطاع الخلوي بدأ كقطاع خاص، وهو يمكن أن يؤمن أكثر من 2000 مليار ليرة عائدات في السنة يدخل نصفها فقط إلى خزينة الدولة. وهو انتقل من القطاع الخاص إلى الدولة، ما ينفي الحاجة لشركتين. وكذلك تراجع على مستوى القطاع المصرفي والنقدي، وكانت المشكلة في إدانة الدولة بلا حدود، ثم العامل الإقتصادي، إضافة إلى ما يجري حولنا من اضطرابات وتراجع الإقتصاد، وأيضا ارتفاع الفوائد الذي حول الرساميل من الإستثمار إلى الإيداع المصرفي، فتراجع النمو الإقتصادي ومعه مداخيل الدولة. وحجم القطاع العام كبير جدا، ثم سلسلة الرتب، ومحاصيل الدولة لا تحصل بالشكل المطلوب. ولم تقفل المعابر لمنع التهريب. كما أن هناك العديد من المؤسسات العامة التي يجب أن يعاد النظر بهيكليتها ودورها، فمنها ما يجب إلغاؤه ومنها دمجه ومنها تفعيله. وهذا ما لم يحصل، فاستمر الهدر”.
وانتقد موازنة 2019 “لأنها لم تتضمن الإصلاحات المطلوبة، ومن هنا لم يصوت عليها نوابنا في المجلس. وأنا قلت يومها إذا لم نخرج من حالة النكران للواقع ولم نجر الإصلاحات، سنصل إلى الكارثة في ال2020، وهو ما وصلنا إليه، وربما أسرع مما كنا نعتقد. وفي موازنة ال2020 أعدنا طرح الإصلاحات، وفي 2 تشرين الأول قلت على مدخل السرايا الحكومية إنه إذا استمر النقاش على ما هو من بحث في الضرائب وعدم التطرق للإصلاحات، فإننا لن نستمر في المشاركة فيه. وبقي الأمر كذلك حتى وصلوا إلى ضريبة الواتسآب التي فجرت الثورة”.
وختم حاصباني: “الآن، الحكومة أمام تحد كبير. وللتذكير، كان الدكتور جعجع قد قال في اجتماع بعبدا الاقتصادي في 2 أيلول: هذه الحكومة فشلت ويجب الإتيان بحكومة إختصاصيين مستقلين لإنقاذ الوضع وإلا فنحن ذاهبون إلى الإنهيار. اليوم هناك حكومة لا يتصف معظم وزرائها بالإستقلالية، والطريقة التي تم فيها التشكيل يدعو إلى التساؤل. وعليها تأمين 20 مليار دولار خلال 3 سنوات إضافة إلى حلول اجتماعية، وإلا سيكون هناك أكثر من مليون و600 ألف لبناني في دائرة الفقر. من هنا فإن على الحكومة الحالية إثبات العكس”.
زهرا
كما كانت مداخلة من زهرا، قال فيها: “دولة رئيس الحكومة حسان دياب، وبعد إعلان مراسيم التشكيل، أعلنها حكومة الأمر الواقع، وعندما أحرج بأسئلة الصحافيين، قال إنها حكومة لبنان وسننجز قانونا جديدا للانتخابات، مهملا المطالب الشعبية الأساسية ومبدأ الاستقلالية والانتخابات المبكرة التي يبدو انها ليست في حساباته، وكأنه يريد ان يقول: روحوا العبوا”.
أضاف: “ان وزير المالية الجديد تبنى منذ اللحظة الاولى الموازنة التي أعدتها الحكومة السابقة، ومن دون اي اصلاحات، ويبدو ان الحكومة الجديدة مستتبعة للاطراف السياسية التي أتت بها ولا نستطيع انتظار أي نتيجة ايجابية”.
وأشار الى ان “سيدر خصص كمرحلة أولى 13 مليار دولار كقروض في حال انجزت الاصلاحات البنيوية المطلوبة من الحكومة اللبنانية، وهذا يحتاج الى 18 شهرا لتنفيذه، وهذه آلية المشاريع الدولية والدعم الدولي، ولبنان بحاجة الى كتلة نقدية فورية لا تقل عن 5 مليار دولار ومصدرها الوحيد المعروف دوليا واقليميا وتاريخيا هو دول الخليج العربي. اليوم بالتحديد، مسؤول سعودي يقول: “نحن نرسل لكم الاموال وايران ترسل لكم السلاح وعليكم ان تختاروا”. لماذا علينا دائما ان نختبئ وراء اصبعنا، نحن دخلنا مرحلة الانهيار والفساد عمره من عمر لبنان وقد ارتفعت أرقامه لأن اقتصاده كبر وكبرت أرقام الموازنات والمشاريع، الا ان عمر الفساد من عمر لبنان والرشوة اي “البرطيل” منذ ايام الاتراك ولم نصل الى الإفلاس، الحرب السورية التي قطعت صلة الوصل مع العالم العربي بدأت منذ ال2011 ولم تؤد بنا الى الإفلاس. دعونا نعترف ان ما أوصلنا الى الانهيار هو اصطفاف الدولة اللبنانية رسميا الى جانب “حزب الله” في المحور الاقليمي الايراني، وعلى الجميع ان يعرف ان من يريد القيام بجولة عربية عليه ان يحمل اعلان بعبدا الذي يجب ان يطبق، وإلا مطرحك يا واقف، ولنبشر انفسنا بأيام أسوأ لأن ما من أحد مستعد ان يدفع لنا اموالا لكي نطلق الرصاص عليه”.
وختاما كانت أسئلة من الحضور تركزت في معظمها على المخارج الممكنة للأزمة وما ينتظر اللبنانيين في المستقبل.