قال النائب السابق بطرس حرب إن «المبادرة الكويتية بقدر ما هي توضيح للموقف العربي الخليجي بقدر ما تنم عن عاطفة عربية وخليجية تجاه لبنان واللبنانيين، وبقدر ما نأسف لتعطل المبادرة بسبب مواقف ««حزب الله» وتحويل لبنان إلى منصة لاتهام المملكة العربية السعودية والخليج بشتى أنواع الممارسات والإرهاب وتقديم المساعدة العسكرية لأعدائهم، بقدر ما هم يأسفون ويحرصون على معالجة هذا الموضوع، ومجيء وزير الخارجية الشيخ د.أحمد ناصر المحمد خطوة رمزية هامة، لأنه حمل رسالة عربية، لا كويتية فقط، تعني أن الخليج العربي جاهز لاستئناف العلاقات، لكن بشروط تتعلق بموقع لبنان ودوره وعدم تحويله منصة لإطلاق الصواريخ الكلامية ودعم أعدائهم عليهم، وأعتقد أنها تشكل نوعا من اختبار، كي لا أقول إنذارا، ورسالة واضحة لتوقيف كل الممارسات، وأعتقد أن الدولة اللبنانية عاجزة عن اتخاذ موقف إيجابي عملي بسبب سيطرة حزب الله وإيران على قرارها السياسي، وهي ستكتفي بإبداء بعض العواطف، لكن هم لا يريدون عواطف و«حزب الله» رد على ذلك بموقف متشنج ومستمر في الاتجاه ذاته.
وهذه الرسالة بقدر ما فيها من موقف إيجابي، فهي تحمل موقفا مضمونه انه اذا بقي الموقف اللبناني على ما هو عليه فسيتكرس العداء مع دول الخليج، ما سينعكس سلبا على لبنان في وقت نعلم أن لا شيء سيخرج لبنان من أزمته الاجتماعية والاقتصادية الكبيرة إلا بمؤازرة دول الخليج».
ولفت حرب في حديث لـ «الأنباء» إلى أن رئيس الوزراء اللبناني السابق ««سعد الحريري يدفع ثمن سوء ترقبه لنتائج الخطأ الذي ارتكبه عند ترشيحه لأحد أبرز قادة «8 آذار» الرئيس اللبناني ميشال عون، الذي يؤيده «حزب الله»، رئاسة الجمهورية بعد تعطيلهم البلد لمدة سنتين ونصف السنة من أجله، وكنت نصحته بأن الفراغ أفضل من ان نأتي بمن سيفرغ البلد من ناسه ويخربه، لأن تاريخه واضح، ولأنه غير مؤهل لحكم لبنان، ولأن انتخابه سيضع لبنان تحت رحمة «حزب الله» ويسلمه لإيران فلم يقتنع، لذا انقطعت علاقاتي السياسية معه ومع رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع لهذا السبب، وأنا لا أحمله المسؤولية وحده فيما آلت اليه البلاد».
وأضاف حرب: «البلد وصل إلى هذا المستوى ورئيس الوزراء الأسبق سعد الحريري فقد مصداقيته، وبحسب اعتقادي أنه كان مقتنعا بأن تحالفه مع«حزب الله» وميشال عون سيقرب الحزب من السعودية أو سيبعد ميشال عون عن حزب الله، لكن الجميع اكتشف ان ما حصل هو العكس.
ميشال عون سلاح الحزب في تصريح رسمي قال «نحن بحاجة لسلاح حزب الله» وأن الجيش اللبناني، الذي كان قائده، عاجز عن الدفاع عن لبنان باعتقاده! ما وضع لبنان تحت سيطرة الحزب والمحور الذي يخضع له وأن لبنان أصبح منصة لشتم الدول الخليجية بعدما كانت تساعد لبنان، ما اقفل باب الخليج علينا، وأنا على الصعيد الإنساني أتعاطف مع الحريري، الا أنه وجد أنه غير قادر على خوض معركة انتخابية».
واعتبر حرب: «بقدر ما انني أتعاطف معه كإنسان، وهو طيب، إلا أنني لا استطيع أن اغطي فشله السياسي، وآسف لذلك، وكما قلت أتعاطف معه إنسانيا رغم خلافي السياسي معه، لكن انعكاس هذا الأمر على الوضع السني وتركيبة هذا البلد خطير جدا لأنه إذا تشرذمت القوى التابعة لسعد الحريري في «تيار المستقبل» ولم يكن لديه مرشحون سينعكس، خاصة بعد أن برر تمام سلام الانسحاب من الحياة السياسية هذا الأمر وان نجيب (ميقاتي) يقول انه لا يعرف ماذا سيفعل، الأمر الذي يضع الطائفة السنية في مهب الريح، وما أخشاه، مع حرصي الشديد عليها، الخطر الذي ستتعرض له التركيبة اللبنانية القائمة على «سيبة» من ثلاثة أرجل رئيسية وهي المسيحية والسنية والشيعية، وهنا أتكلم عن القوى الأساسية الطائفة الدرزية والآخرون لهم أهميتهم، إلا أنه اذا انكسرت واحدة من ارجل هذه التركيبة تقع «السيبة» بكاملها ويصبح هناك خطر على لبنان، لذا السؤال كيف يمكن أن نواجه المرحلة المقبلة؟ وأبحث، على الرغم من أنني اعتزلت العمل السياسي اليومي، كيف يمكن أن نحفظ لبنان والتركيبة اللبنانية من السقوط لأن الذي حصل قد يؤدي إلى ضرب لبنان؟.
وتابع حرب: «قد يكون هذا الأمر احد الأسباب او المبررات التي قد يستعملها من لا يريد حصول الانتخابات النيابية، مع العلم ان مقاطعة الحريري تختلف عن مقاطعة المسيحيين سنة 1992. في ظروف 92 لم يكن المطلوب مقاطعة الانتخابات بل العمل على عدم إجرائها، بينما اليوم المطلوب إجراء الانتخابات لتحقيق التغيير في التركيبة السياسية والوضع السياسي الذي يعاني منه الشعب اللبناني».
وحول احتمال تراجع الحريري، لفت حرب إلى انه: «وقع أسير موقفه.. خطوته أحدثت صدمة للبيئة السياسية بكاملها في لبنان وخاصة عند السنة. نحاول استشراف ردود الفعل حتى نعرف كيف سنتعاطى. انا مقتنع بأن الذي حصل سيضع لبنان في موقع دقيق جدا إذا لم يتم فعل شيء لتغطية هذا الفراغ، وهذا لا يفعله إلا السنة. فلا أحد غيرهم يستطيع ان يملأ الفراغ عند انسحابهم فلا سمير جعجع ولا ميشال عون ولا بطرس حرب ولا سامي الجميل» يستطيعون ذلك ولا يريدونه.
ونبه حرب من انه إذا لم تحصل الانتخابات الرئاسية «راح لبنان»، والانتخابات النيابية حاجة وليست ترفا، مشيرا إلى أن هناك رغبة لدى فريق «حزب الله» وميشال عون كي لا تحصل الانتخابات لأن قاعدتهم لم تعد كما كانت ولاسيما بعد الانهيار الذي تعرض له البلد نتيجة سياساتهم الفاشلة والمدمرة وهم لا يجدون من يتحالف معهم. حليفهم حزب «الطاشناق» قرر أن لا يتعاون معهم، ما شكل لهم صفعة كبيرة جدا، والصفعة الثانية ستكون في البترون إن شاء الله، فاستطلاعات الرأي تدل بوضوح على تحول الرأي العام لمعاقبتهم على ارتكاباتهم وفسادهم ما يؤشر إلى أن المواطنين مصممون على طردهم من هيكل السلطة، ففي المرة الماضية وضعت الدولة كلها بتصرف مرشحي السلطة، ولاسيما صهر العهد جبران باسيل، بالإضافة إلى التزوير الكبير في اقتراع المغتربين. أما، الآن، فالوضع مختلف كليا وآن وقت الحساب القاسي لمن أساءوا الأمانة وافقروا الناس وأذلوهم، وهناك مسعى بين قوى المعارضة للتفاهم والتوحد للتفاهم من اجل تيار رافض وجارف، تيار معارض للسيبة الحالية ولاسيما في الشمال وباسيل ما وضعه في موقع المعزول الذي لا يجد من يتحالف معه على الرغم من تدخل «حزب الله» لحمايته، فسليمان فرنجية يرفض التحالف معه و«الحزب السوري القومي الاجتماعي» حليف فرنجية يواجه ضغطا من «حزب الله» للتعاون معه، ما يفسر الأخبار حول عدم تجرؤه على خوض الانتخابات وعدم الترشح تفاديا لانتحار سياسي محتم».
الأنباء – منصور شعبان