بعد أسبوع من تكليف ميقاتي.. تفاؤل حذر بتشكيل الحكومة اللبنانية

عشيّة مرور أسبوع على تكليف نجيب ميقاتي تشكيل الحكومة الجديدة، من دون «دخان أبيض» حتى الآن، لا يزال «الدخان الأسود» يملأ سماء شمال لبنان وصولاً إلى بعض جرود بقاعه الشمالي، كاشفاً عجْز السلطة عن مكافحة ما بات يُعتبر على أنّه تقليد سنوي في الإهمال. وبين «الدخان الأبيض» الموعود للحكومة، و«الدخان الأسود» للحرائق الطبيعيّة، يعود إلى الذاكرة أكثر فأكثر «الدخان الملوّن» الذي تصاعد من مرفأ بيروت، بفعل الانفجار الذي طاوله في 4 أغسطس 2020.

وفيما صورة انفجار المرفأ إصفرّت وبهتت في الأذهان، كنموذج صارخ مأساوي يختصر الواقع اللبناني، جاءت الحرائق الكارثيّة، التي طاولت أحراج مناطق شماليّة وبقاعيّة، و«أكلت» نيرانها الأخضر واليابس، لتحييه من خلال توشيحه بالرمادي والأسود. وما بين المشهديْن، تبدو رتابة المتاهة الحكوميّة على حالها، فيما المعطيات في شأن تأليف الحكومة الجديدة في «المدى المنظور» تساوي بين التفاؤل والتشاؤم، وتربط كلّ الحسابات بموعد محدّد: قبل 4 أغسطس المقبل. علماً أنّ الكلّ يتحسّب لموقعة «4 أغسطس» التي لم تعد مجرّد ذكرى، وليوم قد يأتي بالحساب الشعبي، بعد تعذّر الحساب السياسي ورفع الحصانات.

حكوميّاً، وفي محاولة لتدوير الزوايا، لا يزال الحديث يدور حول «زاوية الداخليّة»، حيث لا إمكانيّة لتدويرها حتى الآن، مع ما يعنيه الأمر من إمكانيّة انتقال هذه «العقدة»، التي استحكمت بتشكيلات الرئيس المكلّف المعتذِر سعد الحريري، إلى تشكيلات الرئيس ميقاتي الذي، ووفق تأكيد مصادر مقرّبة منه لـ«البيان»، «سيصارع» ضمن الجولة الرابعة يوم الاثنين المقبل، بعدما تجنّب خلال لقائه الأخير (الجولة 3) بالرئيس ميشال عون «حلقة النار» المتمثلة في حقيبتَي «الداخلية» و«العدل». وعليه، ارتفع منسوب الكلام عن أنّ ترْك الأمور، التي من شأنها أن تسعّر الخلافات بين عون وميقاتي، إلى الاثنين المقبل، يؤشّر إلى أنّ الرئيسيْن قد اقتربا من خطوط اندلاع النيران، والتي مهّد لها رئيس «التيار الوطني الحرّ» النائب جبران باسيل، في سلسلة مواقف شكّلت «كتلة حارقة» لأيّ رئيس مكلّف، وذلك في سياق عمليات انتزاع الوزارات ذات الصلة بالانتخابات النيابيّة المقبلة، قبل أن تنطلق جولة «الثلث المعطّل» القاضية.

ومن أجواء اللقاء الأخير الذي جمع عون وميقاتي، أمس، علمت «البيان» أنّ الأخير استفاض في شرح أهمية وزراء من ذوي الاختصاص، يتولّون الحقائب الخدماتيّة التي تشكّل عصب الوضع الاقتصادي المنهار، كـ«الطاقة» و«الاقتصاد» و«الاتصالات»، وأبلغ عون أنّ هدفه يتمحور حول وضع أسماء من ذوي الاختصاص، على مستوى الإنقاذ وحلّ الأزمات. وبهذا المعنى، فإنّ ما رشح حتى الآن يساوي بين التفاؤل والتشاؤم. علماً أنّ ميقاتي حذّر من أنّ «الوضع لا يحتمل ترف التباطؤ في عملية التأليف»، وحاذر في الوقت ذاته الوقوع في «فخّ» توقيت الولادة الحكومية، نافياً إمكانيّة التشكيل قبل الذكرى السنويّة لـ«انفجار 4 أغسطس».

وفي المعلومات أيضاً، فإنّ ثمّة «حبْس أنفاس» تحسّباً لمآل الأمور، إثر بروز معضلة أساسيّة تمثلت بوضع رئيس الجمهورية «فيتو» على التوزيعة الطائفيّة التي طرحها ميقاتي للحقائب السياديّة، ذلك أنّ عون «لم يهضم» تحديداً فكرة إيلاء حقيبتَي الداخلية والعدل للطائفة السنّية. وعليه، فإنّ المضيّ قدماً في عمليّة التأليف سيكون صعباً ما لم يتم تجاوز هذه العقبة وإيجاد الحلّ اللازم لها. وذلك، تمهيداً للانتقال إلى المرحلة الحاسمة، والتي تشمل عملية إسقاط الأسماء على الحقائب، أو ما يُعرف في مصطلحات تشكيل الحكومات: «إسقاط الأسود على الأبيض».

وفي الانتظار، برزت مفارقة لافتة، تمثلت في أن العدّ العكسي ليوم 4 أغسطس أطلق سِباقاً محموماً بين الجهود الحكوميّة لاستيلاد الحكومة الجديدة، والتحرّكات المتّصلة بملفّ رفع الحصانات عن سائر المسؤولين، بما عكس دخول البلاد في مدار هذه الذكرى التي ترخي بذيولها الكثيفة على مجمل الأجواء السياسيّة والشعبيّة حتى حلول موعدها.

وفاء عواد – البيان

هذا الخبر بعد أسبوع من تكليف ميقاتي.. تفاؤل حذر بتشكيل الحكومة اللبنانية ظهر أولاً في Cedar News.

Read More