سندريللا راجحة: القديسة تريزيا الصغيرة هي البوصلة التي وجّهتني إلى درب الطفولة الروحيّة

بين سندريللا وتريزيا… اختبرتُ أن الله يسكن في النفس الضعيفة

سندريللا راجحة، متأهّلة وأمّ لثلاثة أولاد، غرفت من نبع الربّ يسوع، وسارت في درب الطفولة الروحيّة الذي رسمته معلّمة الكنيسة، القديسة تريزيا الطفل يسوع، تخبر أليتيا مسيرتها المفعمة بالحبّ التريزيّ…

بين سندريللا وتريزيا

“أطلقوا عليّ اسم سندريللا لـ”دوّخ” الأمير”، كما قال لي والديّ، تخبر ساندريللا ضاحكة، وتتابع: “فداخ الأمير”… لقد اختار الربّ أميري بعناية لأنّ زوجي مؤمن وملتزم في جماعة الفوكولاري…

قبل أن ألتقيه، كنت أشعر بأنني مدعوّة إلى التكرّس لكن الربّ أعطاني الجواب بسرعة… وكانت الرغبة المشتركة في أن تكون عائلتنا شبيهة بعائلة الناصرة العلامة الأولى بأنني مدعوّة إلى الارتباط وبناء عائلة مسيحيّة، وتبيّن ذلك بعد الحديث الأوّل العميق الذي جمعنا إذ أعرب زوجي خلاله عن تلك الرغبة… فأحسست، حينذاك، بأنها إرادة ربّنا.

… ولدت في عائلة مسيحيّة ملتزمة، كنا نرافق أهلنا إلى القداس، ونشارك في الاحتفالات الدينيّة، وتابعت دراستي في مدرسة تابعة لراهبات القديسة تريزيا، فكانت لي فرصة التعرّف إلى تريزيا…

اسمي في المعموديّة تريزيا، وأحببت كثيراً اسمي الثاني. وعندما كبرت، عرفت من تكون معلّمة الكنيسة تريزيا ولاسيّما عندما اقتربت مئويّة وفاتها، وبعد مشاركتي في العديد من النشاطات التي تمحورت حول روحانيّتها، وتأثرت أشدّ التأثّر بكتاباتها… أشعر بأن تريزيا هي من اختارتني وليس أنا من اخترتها: اسمي الثاني وقربانتي الأولى في كنيسة تحمل اسمها، وتزوّجت في كنيسة القديسة تريزيا في المنصوريّة حيث أقوم بخدمة القداس الإلهي أسبوعيّاً…

وأذكر أنني كنت أشاهد تقريراً يسلّط الضوء على حياتها، فجذبني ما قالته عن النفس الضعيفة التي يسكن فيها الربّ، وبدأت أفهم ماهيّة الطفولة الروحيّة، وأن القداسة ليست بعيدة عنّا بالرغم من ضعفنا، على حدّ قول القديسة تريزيا التي اعتبرت نفسها حبّة رمل يدوسها المارة مقارنة بالقديسين الكبار”…

48 ساعة مع تريز

وتقول سندريللا: “كان المخيّم الأوّل لتجمّع “يسوع فرحي” من أهمّ النشاطات الروحيّة التي استقت من روحانيّة تريزيا في ذلك الوقت، تحت عنوان: 48 ساعة مع تريز… كان لذلك المخيم الأثر الكبير في قلوب الشبيبة، ولم نتوقّع أن يستمرّ التجمّع أكثر من 20 عاماً… وكان “يسوع فرحي” مناسبة للّقاء والمشاركة في رفع التسبيح، والخبرات الروحيّة، كالوزنة الصغيرة التي جذبتنا أكثر إلى تريزيا، وجعلتنا نتعرّف إليها…

ما أثّر فيّ أن تريزيا أعطتنا الأمل بإمكانيّة أن نكون قدّيسين من خلال قيامنا بالأعمال البسيطة بحبّ، والبساطة والاستسلام والثقة بالربّ وجعله في المرتبة الأولى في حياتنا”…

على درب الطفولة الروحيّة

وتتابع سندريللا: “الطفولة الروحيّة هي الثقة بأن الله محبّة، وبأن دعوتنا تكمن في أن نجسّد محبّته للآخرين… ثقة الطفل العمياء بأهله وبأن الله يحبّنا بلا شروط ولن يتركنا مهما حصل.

إذا كنا نحن البشر نحبّ أولادنا إلى درجة كبرى، فكم بالحريّ محبّة الله، والأهمّ أن نلتجئ إليه ونسلّمه حياتنا، ونرفع له الصعوبات صلاة، ويكون الربّ حاضراً في يومنا، وأن نثق بأن عين الله لا تغفل عنّا، ولا نضيّع البوصلة، وأن تتزيّن أعمالنا اليوميّة بالبسمة، وأن نجعل الآخر يشعر بأنه محبوب، وبأن من يلتقيه لديه الاستعداد لتقديم المساعدة اللازمة وبناء الجسور والمسامحة… ويمكن لتفاصيل أعمالنا الصغيرة أن تجعل الربّ يظهر من خلالها.

في العائلة، نحاول عيش الوحدة في جماعة الصلاة التي التزمنا بها ونسلّم عائلتنا لله ليتصرّف من خلالنا من أجل دفع أولادنا إلى عيش القداسة، إذ لا يقتصر دورنا على تأمين العلم لهم لأنّه مجرّد مرحلة على الأرض، بينما القداسة أهمّ وستدوم فيما بعد… ووسط مغريات المجتمع والانفتاح الكبير، قد تتأثر البذور الروحيّة التي زرعناها في أولادنا، فنواجه صعوبات قد تحول دون التزام الأولاد الكامل بالحياة المسيحيّة، الا اننا نثق أن لكلّ منا مسيرته الشخصيّة مع الربّ، فنسلّمهم لله، ونرفعهم إليه بصلاتنا…

أما الأهمّ، فيكمن في عيش الصدق وفي أن تكون الصلاة ركيزة حياتنا اليوميّة، وأن نعطي المثال الصالح للعائلة، إذ من السهل أن يختلف الزوجان على أدقّ التفاصيل… فعلينا أن نعي أن الربّ باركنا كي نكون معاً لنحبّ بعضنا على مثاله”

أنشودة شكر لا تنتهي

وتقول سندريللا: “أشكر الربّ على النعم الكثيرة التي وهبني إيّاها: موهبة الصوت لأرنّم له؛ أصلّي وأساعد الآخر على الصلاة، وأهلي الذين طبعوا الروح المسيحيّة فيّ، وعائلتي، وجوده اللامتناهي… الربّ يدهشنا في التفاصيل الصغيرة… الله قريب ويحبّنا وينتظرنا بشوق فاتحاً يديه عندما نعود إليه كالابن الضال… ويفيض علينا مواهبه ونعمه…

غمرني الربّ بكرمه، لا أعرف كيف أشكره… عندما يقع الولد، يسرع إليه والده ليلتقطه ويرفعه إليه، فيشعر بحبّه… ويحضرني ما قالته القديسة تريزيا ان الربّ يرعانا إلى درجة، يزيل العثرات من دربنا ليحمينا من الوقوع، وحينئذٍ، نشعر بأن محبّته كبيرة… ربّما لا نرى تدخّله في حياتنا، لكن علينا أن نثق أن كل الأشياء ستكون لصالحنا”…