بالصور: البترون ودّعت النائب السابق سايد بك عقل

ودع أهالي البترون وقضائها ورابطة آل خباز وفروعها،اليوم، النائب السابق سايد عقل خلال مأتم أقيم في كاتدرائية مار اسطفان في البترون وترأس الصلاة لراحة نفسه ممثل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي راعي أبرشية البترون المارونية المطران منير خيرالله بمشاركة لفيف من الكهنة وفي حضور نائب رئيس مجلس النواب السابق فريد مكاري، النواب جبران باسيل،فادي سعد وزياد الحواط ، النائب السابق بطرس حرب، قائمقام البترون روجيه طوبيا ،رئيس اتحاد بلديات منطقة البترون مرسيلينو الحرك ، الأمين العام السابق لحزب الكتلة الوطنية المحامي جان حواط، وفد من حزب الكتلة الوطنية، رؤساء بلديات ومخاتير بالاضافة الى أهالي مدينة البترون وقرى وبلدات القضاء وأصدقاء الراحل وعائلته.

الرقيم البطريركي 

وبعد تلاوة الإنجيل المقدس تلا أمير سر البطريركية المارونية الخوري هادي ضو الرقيم البطريركي الذي تناول مزايا الراحل ومسيرته وجاء فيه:

“بالأسى الشديد والصلاة نشارككم، مع أهالي مدينة البترون وقضائها ورابطة آل الخباز وفروعها، في وداع عزيزكم وعزيزنا النائب السابق سايد بك عقل، الّذي أنهى رحلته على وجه الدنيا عن سبع وثمانين سنة مثقلة بثمار الخير في عائلته وبيئته والمجلس النيابيّ. وفي يوم الربّ أمس، أسلم الروح بسلام مع الله والناس، فيما كانت الصلوات ترتفع من جميع الكنائس والقلوب. في هذا الجوّ المفعم بالرجاء انتقل إلى بيت الآب في السماء.

النائب سايد بك عقل إسم يحمل تراثه الشخصيّ النفيس، ويذكّر بالوجوه العائليّة المشرقة في خدمة المجتمع والوطن. فجدّه إبراهيم بك عقل وجه بارز في السياسة والإدارة والقضاء، ولامع في المواقف الوطنيّة المعارضة للحكم التركيّ. كسب ثقة المكرّم البطريرك الياس الحويّك، “أبي لبنان الكبير”، فكان قريبًا منه كإبن وفيٍّ، وفتح دارته له حتّى سُمّيت “بيت البطريرك”، ووالده خليل بك عقل، محامٍ لامع عُرِفَ بجرأته ووطنيّته وحبّه للناس.

في هذا الجوّ من الإرث الوطنيّ والتراث والعائليّ نمى وتربّى وحصّل العلم في مدارس بيروت وتخرّج في التجارة في العام 1955، وبدأ نشاطه التجاريّ متّكلًا على ذاته في الولايات المتّحدة الأميركيّة، ثمّ إنتقل إلى القطاع السياحيّ في مشروع “سان ستيفانو بيتش” على شاطئ بحر البترون.

إرتبط في سرّ الزواج المقدّس بشريكة حياةٍ فاضلة هي السيّدة نهاد جبران مقبل، الآتية أيضًا من عائلة كريمة. فكانت له خير عضد ورفيق في الحياة. عاشا معًا حياةً زوجيّةً سعيدة، باركها الله بثمرة الإبن والبنات الثلاث. فوفّرا لهم أحسن تربية إنسانيّة وأخلاقيّة وإجتماعيّة وعلميّة. وسُرّا بإبنتين تؤسّسان عائلتين رضيّتين، ووجدا في الأحفاد السعادة والعزاء، وغمراهم بكثير من الحبّ والحنان.

دخل معترك الحياة السياسيّة بالترشح عن المقعد النيابي في البترون فإنتخب نائبًا في دورة 1968 وهو في الخامسة والثلاثين من العمر، وأعيد إنتخابه في ثلاث دورات أخريات، كان آخرها سنة 2000. وذلك لمحبّة أهالي قضاء البترون له وتقديرهم إيّاه، وبخاصّة لحضوره معهم وخدماته، ولوجهه اللامع تحت القبّة البرلمانيّة. فكان صاحب الصوت الحرّ والجريء والّذي لا مرجعيّة له سوى ضميره الوطنيّ.

شارك في العديد من اللجان النيابيّة من مثل: المال والموازنة، والأشغال العامّة، والدفاع الوطني، وشؤون المهجّرين، وأمانة سرّ هيئة المجلس.

وقد مثّل المجلس النيابي في إحتفالات تطويب الأب نعمة الله الحرديني، والقدّيسة رفقا. كما شارك في مؤتمرات برلمانيّة في الخارج. وإنتمى إلى التكتّل النيابيّ الشماليّ. من مآثره أنّه عارض إتّفاق القاهرة سنة 1969 الّذي كان في أساس تدهور لبنان وخسارة هويّته الطبيعيّة كدولة ذات حياد ناشط.

وشرب مع أسرته كأس مرارة الألم بوفاة إبنته الكبرى جيسي، فراحت صحّته تزيد تدهورًا شيئًا فشيئًا حتى بلغت ذروتها، لكنّه تعزّى بإحاطة زوجته وأولاده بكلّ محبّة وعناية حتّى أسلم الروح.

بغياب النائب السابق سايد خليل بك عقل، يغيب وجه مشرق من البترون العزيزة، ومن النوّاب الّذين تركوا أثرهم الطيّب في الندوة البرلمانيّة. وبسلام مع الله والعائلة والناس أغمض عينيه عن دنيانا لينعم بالمشاهدة السعيدة في السماء.

على هذا الأمل واكرامًا لدفنته وإعرابًا لكم عن عواطفنا الأبويَّة، نوفد إليكم سيادة أخينا المطران منير خيرالله، راعي أبرشية البترون المارونية السَّامي الإحترام، ليرئس باسمنا حفلة الصَّلاة لراحة نفسه وينقل إليكم جميعًا تعازينا الحارّة.

رحِمَهُ الله في فسيحِ جنانِه، وسكب على قلوبكم بلسمَ العزاء.”

بارودي

وعلى وقع تصفيق الحاضرين حمل النعش الى الباحة الخارجية ثم ألقى حفيد عقل الشاب سمير بارودي كلمة قال فيها:”سايد عقل كان جدي لكنه كان بالنسبة لي أكثر من أب وهو كان يعتبرني ولده الخامس. كان يعلمني المبادىء التي آمن بها وكان يقدم لي النصائح وكنت أستشيره في كل الأمور. بجانبه ومعه كنت أشعر بالأمان وأنا على ثقة أن كثرا ممن عرفوه كانوا يشعرون الشعور نفسه.”
وأضاف:”سايد عقل كان البترون والبترون كانت سايد عقل ومن يعرف جدي جيدا يعرف أنه كان يعطي ويخدم من دون مقابل وكان يمضي وقته متابعا قضايا الناس والمنطقة.”

وتابع: “إن الأحب الى قلبي بعد عائلتي هي البترون وهذا ما تعلمته من جدي سايد” مخاطبا روحه بالقول: “أتمنى أن يأتي يوم نستطيع فيها أن نعيش في لبنان الذي حلمت به وأعدك أن دارتك في البترون ستبقى مفتوحا كما كانت دائما بوجودك…”

بعد ذلك ووري الجثمان في مدافن العائلة وتقبلت العائلة التعازي في صالون الرعية.

وكان أقيم استقبال لجثمان الراحل في الشارع العام لمدينة البترون حيث رفعت صور عقل ولافتات ثمنت مسيرته ومواقفه الوطنية وحمل النعش على الأكتاف وصولا الى كاتدرائية مار إسطفان حيث قرعت الأجراس عند وصوله.