أبدى استعداده الكشف عن حساباته.. هذا ما كشفه طوني صعب عن علاقته بباسيل

كتب عماد الشدياق في موقع “المدن”: “بأسلوب الشركات التي تصرف عمالها نهاية الأسبوع، خلال آخر ساعات الدوام، أصدرت الخزانة الأميركية مساء يوم الجمعة الفائت، كعادتها، لائحة بالعقوبات على ثلاثة أفراد لبنانيين، لدعمهم وتمويلهم “منظمة حزب الله الإرهابية”، هم ناظم سعيد أحمد، صالح عاصي، وطوني صعب، الذي تصدر اهتمام الصحف الغربية والمحلية ورواد مواقع التواصل الاجتماعي، لكونه أول شخص من خارج بيئة الحزب وطائفته يوضع على لائحة العقوبات، وسط كلام عن علاقة تجمعه بوزير الخارجية المستقيل جبران باسيل.


بداية، بدا اسم طوني صعب اسماً وهمياً، وظنّ البعض أنه من ألاعيب التهرّب التي يتّبعها “حزب الله”، خصوصاً أن اسم طوني رائج جداً في لبنان وعائلة صعب متنوعة طائفياً ومناطقياً. ما عزّز هذه الشكوك أمران إضافيان: الأول أن مصطفى بدر الدين المتهم باغتيال الرئيس رفيق الحريري سبق وتنكّر باسم مشابه (الياس فؤاد صعب). الثاني، أن تفاصيل التهمة بدت في البيان الصادر على موقع الخزانة، مقتضباً وخالياً من التفاصيل، بخلاف ما أورده القرار عن الشخصين الشيعيين، وهي “مساعدة أو رعاية أو توفير الدعم المالي أو المادي أو التكنولوجي أو السلع أو الخدمات إلى (صالح) عاصي”. كما ذكر البيان أنه شارك في “تسهيل تحويل ملايين الدولارات لشركتي مينوكونغو وإنتر أليمنت وقدم وثائق هذه التحويلات لعاصي. وكذلك في تسهيل مدفوعات عاصي إلى (أحمد) طباجة”.

مجرد محاسب؟!
مصدر في بلدة تنورين كشف استغراب أهل القرية التهم التي وًجهت لصعب، فيقول: “إنها المرة الأولى التي تطال العقوبات الأميركية شخصية مسيحية في بيئة مارونية محصورة. هذا مؤشر خطير ويدل إلى أن العقوبات قد تطال رؤوساً مسيحية أخرى كبيرة”. يؤكد المصدر أن أهالي تنورين يعلمون بـ”حب” طوني صعب المتزوّج من ابنة تنورين التحتا رنا كرم، وله منها ولد وبنت، لـ”التيار الوطني الحر”، لكنهم لا يعلمون المزيد من التفاصيل. وفي حوار معه، أكد صهب بداية أنه يعمل في شركة “إنتر أليمنت” التابعة لعاصي، وما زال موظفاً فيها إلى اليوم، كما لا علم له من أين سقطت هذه التهم عليه: “أنهيت عملي وعدت إلى المنزل مساءً وتفاجأت بهذا الخبر”. قال صعب، خرّيج المحاسبة والعلوم المالية في جامعة Usek، إنه يملك حسابات مصرفية في “سوسيتيه جنرال” وفي “بلوم بنك”. ونفى نفياً قاطعاً أن يكون لديه حسابات خارج لبنان. وأضاف “حينما كنت في فرنسا كان لدي حساباً هناك وتخليت عنه حينما عدت إلى لبنان”.

يقسم صعب الذي يبدو خائفاً من التهمة كثيراً، أن لا علم له بأي شيء يخصّ “حزب الله”. ويقول أنه محاسب في الشركة و”أصغر من هذه التفاصيل بكثير. أعمل منذ الصباح حتى أؤمن واجباتي تجاه عائلتي. يقولون أني مفوّض بالتوقيع عن الشركة وهذا غير صحيح، لا يحق لي التوقيع على أي مستند ولا على الشيكات. كل ما أملكه هو 400 دولار في فرنسبنك و3900 دولار في سوسيتيه جنرال، ومديون بقرض سكني من بلوم بنك قيمته 129،800 لبناء بيتي في ضيعتي تنورين. هذا ظلم كبير ولا يوجد ليرة واحدة دخلت من حساب جبران باسيل إلى حساباتي. لا علاقة بيني وبينه على الاطلاق”.

الحلم الأميركي
ينهار طوني خلال المخابرة الهاتفية بشكل مؤثر، نُهدِّىء من روعه ليكمل، فيعتذر لانفعاله ثم يقول “لم أكن يوماً عضواً في التيار الوطني الحر ولم انتسب إليه قط. أنا محب للجنرال ميشال عون، وقبل ذلك كنت منذ التسعينيات وحتى العام 2005 من مناصري الشيخ بطرس حرب. لا أذكر ذلك الآن بسبب أزمتي، أقسم بالله أني أقول الحقيقة”. لدى سؤاله عما إذا كان يعرف الوزير باسيل شخصياً أو التقاه من قبل، قال: “لست على علاقة به لا من قريب ولا من بعيد، باسيل كان مرشحاً في منطقتنا. وأنا مستعد لرفع السرية المصرفية عن حساباتي كلها في لبنان. وإن وُجد دولار واحد فيها من أي سياسي فأن على استعداد لقطع رقبتي. رأيت باسيل خلال دعوة إلى الغداء أقامها لاولاد تنورين. رأيته مرة أخرى حينما قصدته في منزله في البترون، وطلبت منه مساعدتي برخصة المنزل الذي بنيته منذ نحو 7 سنوات، حينها اعتذر لعدم مساعدتي”.

سألناه إن كان الزجّ باسمه نوعاً من التهديد أو رسائل مبطنة إلى باسيل، قال: “أقسم أني لا أعلم”. ينهار طوني مجدداً ثم يتابع: “نشأنا في العائلة على حلم العيش في أميركا أو حتى زيارتها، إذا فعلاً وصلت الخارجية الأميركية إلى الظن بأن طوني صعب يمول حزب الله فإن مشكلتها كبيرة. هم فعلاً لا يعلمون شيئاً. لا علاقة لي بكل هذه القصة. أنا كل ما أعرفه عن الحزب أنه ذهب إلى سوريا ومطالب أن يعود منها، اسمع ذلك في التلفزيون”.

المشاركة في الثورة
نسأل طوني عما يدور في ذهنه ليواجه الناس ببراءته، فيقول: “اخبرني السيد صالح (رب العمل) أن الشركة عينت محامياً لنا في الولايات المتحدة، وقد باشر المحامي اتصالاته، ويبدو أن الحل سيكون بأن تُرسَل شركةَ تدقيقٍ من الولايات المتحدة بغية التدقيق بالحسابات المصرفية. كان الخبر بالنسبة لي بريق أمل، ركعت وقبّلت الأرض لهذا الخبر المفرح. ليت الشركة الأميركية المدقّقة تأتي اليوم قبل الغد لتدقق بكل حساباتي حتى تظهر براءتي سريعاً. لو كان لديّ صديق واحد مشترك مع أحد المقربين من حزب الله لكنت قلت لنفسي أن ثمة شكوك. كيف أكون من المقربين للوزير جبران باسيل وشاركت بالثورة في أول أسبوع بأجمل أيامها؟ نزلت للمطالبة بحقوقنا مع ابني (11 سنة) وابنتي (8 سنوات) التي حين سمعت بخبر اتهامي كسرت القجة واعطتني ما فيها”.

نسأل طوني عن سبب مشاركته بتظاهرات الثورة، يقول: “شاركت لأني موجوع، ولا استطيع دفع المزيد من فوائد قرض البيت في بنك لبنان والمهجر التي بلغت 9.75 في المئة. ويريدون رفعها المزيد السنة المقبلة، إذا كنت قوياً إلى هذا الحدّ ولي هذه العلاقات مع الحزب وغيره هل كنت لأطلب قرضاً من المصرف؟” يعتذر طوني لانفعاله وانهياره أكثر من مرة خلال المكالمة الهاتفية، ثم يقسم بشفيعه مار شربل وبنور عينيه أن كل ما يقوله صدق ولا تشوبه أي شبهة، ويختم بالقول: “أتأسّف كثيراً، أقضي عمري ببناء مستقبل نظيف، وأضع تعب عمري وجناي كله بالمنزل الذي أبنيه بالدَين أُتهم حتى في نهاية المطاف أنني مع حزب الله وأموّله؟”.