المطران خيرالله يدعو الرعايا للوقوف إلى جانب من هم في حاجة إلى محبة ومساعدة

دعا راعي ابرشية البترون المارونية المطران منير خيرالله لجان الأوقاف والمؤسسات إلى “وقف كل المشاريع في الرعايا والأديار والمؤسسات والتصويب فقط على خدمة المحبة، خدمة الذين هم أشد حاجة”.

وطالب الرعايا بالتركيز في حملة الميلاد على “التعاضد والتضامن في سبيل الوقوف إلى جانب من هم في حاجة إلى محبة ومساعدة”.

كلام خيرالله جاء في الكلمة التي توجه بها الى كهنة الابرشية خلال إجتماعهم الدوري الذي عقد في الكرسي الاسقفي في كفرحي – المقر الأول للبطريركية المارونية، حيث أكد “أن الكنيسة تعلمنا، كما تفرض علينا في القانون، أن إحدى أهم الغايات التي تتوخاها من اكتساب الأموال والممتلكات والأوقاف هي ممارسة خدمة المحبة، لا سيما تجاه الفقراء”.

واعلن أنه سيدعو “لجنة خدمة المحبة في الأبرشية، التي تضم رؤساء المؤسسات والجمعيات التي تعنى بخدمة المحبة، إلى اجتماع استثنائي وعاجل من أجل وضع خطة تنفيذية، عملا بتوصيات مجمعنا الأبرشي، تهدف إلى التنسيق في ما بينها والتعاون مع كهنة الرعايا على خدمة أكبر عدد ممكن من عائلاتنا المحتاجة. فنعيش الميلاد هذه السنة بطريقة مختلفة ومميزة ونشارك يسوع الذي يولد في شعبنا وفي قلب ثورتنا فيحدث الثورة الحقيقية مع شباننا الذين تولد لهم رجاء جديد يبنون عليه وطنا جديدا ودولة تليق بهم وتحقق أحلامهم”.

وقال خيرالله: “دخلنا مع الكنيسة في زمن الميلاد منذ شهر، ونحن نقترب اليوم من الاحتفال بعيد ميلاد سيدنا وربنا وإلهنا يسوع المسيح إنسانا بيننا، بينما تتواصل ثورة شعبنا منذ حوالى الشهرين، وتعلو أصوات شبابنا في الشوارع والساحات مطالبة بدولة تحميهم تحت سقف القانون وتؤمن لهم فرص العمل والعيش الكريم، وتتفاقم الأزمة الاقتصادية والمعيشية وقد أبرزت أحد وجوهها في عمليات انتحار متسارعة. ويتساءل الناس: ماذا تعمل الكنيسة؟ ونتساءل، نحن رعاة الكنيسة، مطارنة وكهنة ورهبانا وراهبات، ما العمل؟ الكنيسة تقوم بأعمال كثيرة بواسطة مؤسساتها الاجتماعية والتربوية والاستشفائية، وقد فندها غبطة البطريرك الراعي في رسالته الراعوية الخامسة 2017. ولكن كل هذا لا يكفي أمام تضخم الأزمة وعجز الدولة الممسوكة من رجال سياسيين فاسدين تعاقبوا على حكم الشعب منذ عشرات السنوات. ولسنا هنا في موقع الدفاع عن الكنيسة المؤسسة، بل نتكلم على الكنيسة الأم التي تشعر بوجع أبنائها وتتلمس همومهم وتسعى لمساعدتهم”، متسائلا: “ما العمل إذا؟ تعالوا نبدأ بذواتنا ونقوم بانقلاب على مسلكية حياتنا اليومية ورسالتنا بالشهادة الصادقة وخدمتنا المتجردة”.

أضاف: “يدعونا قداسة البابا فرنسيس في رسالته عن معنى مغارة الميلاد وقيمتها التي صدرت منذ أسبوع، فيما نعمل على تهيئة مغارة الميلاد في رعايانا ومؤسساتنا وبيوتنا، إلى التأمل بحدث ميلاد يسوع المسيح ابن الله لنتعلم من تواضع ذلك الذي أصبح إنسانا للقاء كل إنسان. فنكتشف أنه أحبنا كثيرا حتى أراد أن يتحد بنا لنتمكن نحن من الاتحاد به. يدعونا إلى التأمل في مغارة الميلاد التي هي دعوة لكي نشعر ونلمس الفقر الذي اختاره ابن الله لنفسه في تجسده. إنها ضمنا دعوة لاتباعه على طريق التواضع والفقر والتجرد التي تقودنا من مذود بيت لحم إلى الصليب. إنها دعوة للقائه وخدمته في أعمال الرحمة للاخوة والأخوات الذين هم أشد حاجة. يسوع ابن الله الذي ولد في مغارة بيت لحم يبدأ الثورة الحقيقية الوحيدة التي تمنح الرجاء والكرامة للمحرومين والمهمشين والفقراء: إنها ثورة الحب والحنان. فيعلن من مغارته الدعوة إلى تقاسم الخيرات والمشاركة مع الآخرين طريقا نحو عالم أكثر إنسانية وأخوة، حيث لا يتم إقصاء أحد ولا تهميشه”.

وتابع: “عملنا إذا وشهادتنا يقضيان في أن يسعى كل واحد منا إلى أن يضع نفسه مكان يسوع في المغارة فيتلمس المصاعب التي وجد فيها يسوع يوم ولد في ظروف قاسية وأضجع في مذود لأنه لم يكن ليوسف ومريم مكان في المضافة. ونتفهم ساعتئذ ما يعاني أطفال كثيرون وعائلات في مجتمعنا من تهميش”.

وأردف: “فيما بدأت رعايانا وأديارنا ومؤسساتنا بإطلاق حملة الميلاد، تعالوا نعيش نحن الفقر والتجرد، ثم ندعو إلى التضامن والتعاضد. نبدأ بذواتنا بتقديم التضحيات اللازمة لمساعدة من هم معوزون بيننا، وما أكثرهم اليوم، ولقيام الخير العام والمصلحة العامة، كما يطلب منا المكرم البطريرك الياس الحويك في رسالته محبة الوطن (1930). ويضيف: كم ضحت الرعايا أيام الحرب الكونية الى جانب وطنها من الأموال والرجال. فسلامة الأمة لا تقوم إلا بخدمة المصلحة العامة. والوطني الصميم يقتصد في مأكله ومشربه وملبسه وأثاثه وترفه لمساعدة المصلحة العامة. وإذا أردنا وطنا حقيقيا فلنتعلم الاقتصاد قبل كل شيء، تاركين البذخ جانبا، ونستعمل محصولات بلادنا أولا، وعند الاضطرار نعدل إلى محصولات وبضائع الأجانب، لذا فاني أدعو ذاتي وأدعو الكهنة والرهبان والراهبات إلى إعطاء المثل في مسلكية حياتنا. ثم اني أدعوهم كما أدعو لجان الأوقاف والمؤسسات إلى وقف كل المشاريع في الرعايا والأديار والمؤسسات والتصويب فقط على خدمة المحبة، خدمة الذين هم أشد حاجة.

وأدعو الرعايا إلى التركيز في حملة الميلاد على التعاضد والتضامن في سبيل الوقوف إلى جانب من هم في حاجة إلى محبة ومساعدة. فالكنيسة تعلمنا، كما تفرض علينا في القانون، أن إحدى أهم الغايات التي تتوخاها الكنيسة من اكتساب الأموال والممتلكات والأوقاف هي: ممارسة خدمة المحبة، لا سيما تجاه الفقراء. (الشرع الخاص بالكنيسة المارونية، المادة 1؛ النظام الداخلي للجان الوقف في الرعايا، المادة 1؛ مجموعة قوانين الكنائس الشرقية، ق 1007).”

وختم خيرالله: “اني سأدعو لجنة خدمة المحبة في الأبرشية، التي تضم رؤساء المؤسسات والجمعيات التي تعنى بخدمة المحبة، إلى اجتماع استثنائي وعاجل من أجل وضع خطة تنفيذية، عملا بتوصيات مجمعنا الأبرشي، تهدف إلى التنسيق في ما بينها والتعاون مع كهنة الرعايا على خدمة أكبر عدد ممكن من عائلاتنا المحتاجة، فنعيش الميلاد هذه السنة بطريقة مختلفة ومميزة ونشارك يسوع الذي يولد في شعبنا وفي قلب ثورتنا فيحدث الثورة الحقيقية مع شبابنا الذين تولد لهم رجاء جديد يبنون عليه وطنا جديدا ودولة تليق بهم وتحقق أحلامهم. ونقول جميعا بصوت واحد مع الرعاة: هلم بنا إلى بيت لحم، فنرى ما حدث، ذاك الذي أخبرنا به الرب، أنه ولد لنا اليوم مخلص، وهو المسيح الرب (لوقا 2/15)”.