الخوراسقفية للخوري بطرس خليل: الشكر للرب الذي اختارني بالرغم من كل ضعفي وأنا أقوى بالرب

منح البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي ممثلا براعي أبرشية البترون المارونية المطران منير خيرالله، رتبة الخوراسقفية للخوري بطرس خليل، خلال قداس احتفالي في كاتدرائية مار اسطفان في البترون، تخلله رتبة وضع اليد، في حضور النواب السابقين: بطرس حرب، أنطوان زهرا وسامر سعاده، قائمقام البترون روجيه طوبيا، رئيس اتحاد بلديات منطقة البترون مرسيلينو الحرك، المدير العام للآثار سركيس خوري، المديرة العامة للطاقة أورور الفغالي، المديرة العامة لمؤسسة المقاييس لانا درغام، مديرة “الوكالة الوطنية للاعلام” لور سليمان صعب، رئيس رابطة مخاتير منطقة البترون جاك نوفل، رؤساء بلديات ومخاتير، وفاعليات وحشد كبير من أبناء منطقة البترون وأصدقاء الخورأسقف الجديد بالاضافة الى عائلته وأبناء بلدته مراح الزيات وأبناء رعيته كفرعبيدا.

وعاون المطران خيرالله في القداس نائبه العام المونسنيور بيار طانيوس، الخوراسقف سمير الحايك عراب الخوراسقف الجديد، القيم الأبرشي الخوري بيار صعب، بمشاركة وحضور المطرانين بولس إميل سعاده وميشال عون، عدد من الخورأسقفيين ورؤساء الأديار الرهبانية وكهنة أبرشية البترون.

قبل بدء القداس، قرأ الخوري إيلي سعاده عن حياة ومسيرة الخوراسقف الجديد، ثم تلا المونسنيور طانيوس مرسوم منح رتبة الخورأسقفية وخدمت القداس جوقة مار سركيس وباخوس – كفرعبيدا بقيادة المرنمة ألين سابا.

العظة

وبعد تلاوة الانجيل المقدس، ألقى المطران خيرالله عظة قال فيها:

“بفرح كبير أنا معكم اليوم، وقد شرفني صاحب الغبطة والنيافة البطريرك مار بشاره بطرس الراعي الكلي الطوبى وفوضني منح رتبة الخورأسقفية لأخينا الخوري بطرس خليل، خادم رعية كفرعبيدا، ذات تاريخ عريق مع الخورأسقفيين. ومعا نرفع التسبيح والمجد والشكران إلى الله الآب والابن والروح القدس على هبة الرتبة الخورأسقفية التي تمنح اليوم للخوري بطرس ليخدم فيها بالحكمة والفطنة، علما أن الخورأسقفية هي من المراتب العليا في الدرجة الكهنوتية. إن الكهنوت هو في جوهر معناه ورسالته خدمة، تشبها بالمسيح ابن الله والكاهن الأوحد والأبدي، الذي جاء ليخدم لا ليخدم (متى 20/28)، وواضع نفسه حتى غسل أرجل رسله ليجعل من نفسه قدوة لهم (يوحنا 13/15). أما مفهوم الكهنوت في تراثنا الانطاكي الماروني فينطلق من يسوع إلهنا الذي هو مصدر ومبدأ الكهنوت الأوحد؛ منه كل كهنوت إن في العهد القديم أو في العهد الجديد. هكذا يشرح البطريرك الدويهي في منارة الأقداس التي هي خلاصة لاهوتية تقابل في كنيستنا خلاصة توما الأكويني في الكنيسة الغربية، على حد قول العلامة الخوري يواكيم مبارك”.

ويتابع: “والكهنوت الذي أنشأه يسوع المسيح في شخصه لخدمة الشعب الكهنوتي (Peuple sacerdotal) الذي هو الكنيسة، (وهي فكرة أكد عليها المجمع الفاتيكاني الثاني بعد حوالي ثلاثماية سنة إذ قال إن شعب الله هو شعب كهنوتي يشارك في كهنوت المسيح)، يصبح تقدمة قربان أو إفخارستيا، حيث المسيح ابن الله الذي صار إنسانا يقدم ذاته الإنسانية بكاملها قربانا لأبيه وفداء عن البشر من أجل خلاصهم. إنه الكهنوت الذي ارتضى فيه المسيح أن يخلي ذاته الإلهية تدبيرا فدائيا ويسير معنا بالناسوت مسيرة توحيدية ليوحدنا بالآب ويرفعنا إلى الألوهة”.

وتوجه الى الخوراسقف الجديد بالقول: “إنه الكهنوت الذي عاشه وشهد له جدي وجدك الخوري بطرس؛ فكان ذبيحة قربان وتقدمة شكر خدمة لشعب الله. تعرفت إليه قبل ولادتك ورافقته بعدها إذ كنت أسكن معه في البيت أيام عطلتي المدرسية، وأخدم له القداس الساعة السادسة من كل صباح وأقرأ الرسالة والإنجيل وصلوات القداس لضعف نظره في الخامسة والتسعين من عمره. وبعد سنة من دخولي المدرسة الإكليريكية في غزير بعمر الحادية عشرة، انتقل إلى السماء وترك لي وصية أن أصلي من أجل أن ألبي دعوة الله إلى الكهنوت ومن أجل أن يبقى في هذا البيت كاهن. بدوري رافقتك تكبر وتتنقل في مدارس البترون إلى أن قررت الدخول كبيرا إلى الإكليريكية البطريركية في غزير. ثم بعد ست سنوات قبلت سر الكهنوت بوضع يد سيادة المطران بولس اميل سعاده في 30 آذار 1990 في كاتدرائية مار اسطفان البترون. وبقيت إلى جانبه في دير مار يوحنا مارون كفرحي المقر البطريركي الأول الذي كان قد بدأ بترميمه ليكون كرسيا لمطرانية البترون؛ وخدمت رعايا كفرحي وبقسميا وجبلا. بعدها انتقلت إلى المحكمة المارونية لتعمل فيها إلى جانب المثلث الرحمة المطران رولان أبو جوده. وسنة 2002 أرسلك سيادة المطران سعاده، تلبية لرغبتك، إلى أبرشية سان إتيان في فرنسا لتخدم فيها في إطار التوأمة التي تجمع الأبرشيتين وتتابع دروسك في الحق القانوني الكنسي. في شباط 2012، بعد تسلمي الخدمة الأسقفية في أبرشية البترون طلبت إليك العودة من فرنسا لتكون نائبا عاما للأبرشية وخادما لرعية كفرعبيدا. وبعد سبع سنوات عقدنا خلالها مجمعا أبرشيا بهدف التجدد والعودة إلى الجذور الروحانية، طلبت إعفاءك من النيابة العامة لتتفرغ للخدمة الرعائية. وستبقى حاضرا في الأبرشية بالمواهب التي منحك الله إياها، ومنها الاندفاع في الخدمة والتضحية وكرم اليد والأخلاق”.

واضاف: “ستنال بعد قليل وضع اليد في رتبتك الجديدة. لذا أردد عليك اليوم ما كتبه القديس بولس لتلميذه طيموتاوس لدى رسامته: “أنبهك على أن تذكي هبة الله التي فيك بوضع يدي”. “إحفظ الوديعة الكريمة بالروح القدس الذي يقيم فينا” (2 طيمو 1/6 و14).

” وكأن القديس بولس يكتب إلينا اليوم نحن الرعاة في خدمة شعب الله”، قال قداسة البابا فرنسيس في افتتاح سينودس الأساقفة لمنطقة الأمازون منذ أيام (6/10/2019). وتابع: “إننا رعاة لأننا نلنا هبة من الله. لم نوقع على اتفاق معه، ولم نتسلم بأيدينا عقد عمل، بل نلنا وضع الأيدي على رأسنا، كي نكون بدورنا أياد مرفوعة تتوسط لدى الرب وأياد ممدودة للأخوة. لقد نلنا هبة كي نكون هبة. لا يمكن شراء الهبة أو تبادلها أو بيعها: إنما ننالها أو نمنحها. وإذا استملكناها لأنفسنا وحسبنا أنفسنا أننا محور الهبة نتحول من رعاة إلى موظفين”.

وقال: “مطلوب منا إذا، نحن في درجات الكهنوت، أن نشهد لكهنوتنا وأن نتحلى بالحكمة والفطنة. بالحكمة أولا، لأن “الحكمة كانت عند الأقدمين في الأعمال أظهر منها في الأقوال، يقول مار افرام السرياني، لأنهم فضلوا على طلاقة اللسان عظمة الذكاء تنعكس على الصمت”. (الدياتسرون، 22/3).

وبالفطنة ثانيا، ” لأن الفطنة هي فضيلة مسيحية، فضيلة حياة” كما يقول البابا فرنسيس. ” فالفطنة هي الفضيلة التي تهيىء العقل لتمييز خيرنا الحقيقي في كل ظرف ولاختيار الوسائل القويمة لإتمامه”. “الفطنة هي فضيلة الراعي الذي يعرف كيف يميز وهو منفتح على جديد الروح كي يخدم بحكمة”.

وختم خير الله: “أصلي من أجلك ومعك إلى الله بحسب صلاة القديس توما الأكويني لالتماس الفضائل:

” من علي يا رب بالعدل فأدين لك، وبالحكمة فأتقي حبائل إبليس، وبالقناعة فأثبت على النصف، وبالقوة فأصبر على المحن. إمنحني أن أقاسم غيري ما هو لي راضيا، وأسأله ما ليس لي خاشعا، وأن أعترف بذنب صنعت، وأحتمل شرا به أشقى، وأن لا أحسد غيري على خير، ولا أنسى فضلك في خير. وأن لا أتعدى الحد في كسوتي ومشيتي وحركتي، وأن أضبط شفتي عن الباطل، ورجلي عن الزيغ، وعيني عن الشرود، وأذني عن الصخب. يا رب إزرع الفضائل في قلبي، فأتفانى في ما هو لك”. آمين.”

خليل

وقبل البركة الأخيرة، أقيمت رتبة وضع اليد وزياح داخل الكاتدرائية وسط الزغاريد والتصفيق. ثم ألقى الخورأسقف الجديد خليل كلمة شكر قال فيها: “الشكر أولا للرب الذي اختارني لأن أكون كاهنا وخادما بالرغم من كل ضعفي وكل خطيئتي وأنا أقوى بالرب”. ثم شكر أهله والبطريرك الراعي والمطرانين خيرالله وسعاده وكل من له الفضل في مسيرته الكهنوتية. وتوجه بالشكر الى الحضور وكل من شارك في قداس رسامته.

وبعد القداس كانت محطة شعرية بالمناسبة، حيث قدم الشعراء الياس خليل ومهنا ضاهر وديع شاهين قصائد ثمنت صفات ومزايا الخوراسقف خليل الذي تقبل والى جانبه المطران خيرالله والكهنة وأفراد العائلة التهاني في صالون مار إسطفان.

لميا شديد – وطنية