كفرعبيدا أحيت ذكرى شهدائها

ـ

اقامت القوات اللبنانية ـ مركز كفرعبيدا في منطقة البترون، وبالتعاون مع جهاز الشهداء والأسرى والمصابين في حزب القوات اللبنانية وبرعاية رئيس الحزب الدكتور سمير جعجع، قداسا على نية شهداء المقاومة اللبنانية في باحة كنيسة مار سركيس وباخوس في حضور النائب فادي سعد ممثلا الدكتور جعجع، وزير الشؤون الاجتماعية الدكتور ريشار قيومجيان، النائب السابق انطوان زهرا، سفيرة حقوق الانسان انطوانيت شاهين، رئيس جهاز الشهداء والاسرى والمصابين جورج العلم، رئيس بلدية كفرعبيدا طنوس الفغالي، منسق منطقة البترون الياس كرم، مختار كفرعبيدا انطوان رومانوس، بالاضافة الى أهالي شهداء كفرعبيدا ورؤساء مراكز ومدعوين من اهالي المنطقة وغيرها من المناطق اللبنانية.

العظة

وبعد تلاوة الانجيل المقدس ألقى المونسنيور خليل عظة قال فيها:

“نلتقي اليوم حول مذبح الرب يسوع المسيح لنقدم الذبيحة الالهية لراحة نفوس شهداء المقاومة اللبنانية الذين رووا بدمائها أرض هذا الوطن الحبيب لبنان، عربون محبة وايمان به ، هذا الوطن الرسالة كما دعاه قداسة الحبر الاعظم القديس البابا يوحنا بولس الثاني، هذا الوطن كما سماه ايضا المجمع البطريركي الماروني شراكة بين مسيحيي لبنان ومسلميه، شراكة الثقافة وشراكة المصير على أساس العيش معا بالمساواة والتكافل والتضامن. هؤلاء الشهداء رووا ارض هذا الوطن الحبيب لبنان عربون وفاء وايمان بسيدنا يسوع المسيح المئت والقائم من بين الاموات وبكنيسته لكي تبقى واحدة موحدة شاهدة حية لايمانها وحرية معتقدها في لبنان والمشرق العربي.”

واضاف:”الاستشهاد في الكنيسة هو قصة الديانة المسيحية الاولى وانتشارها حيث ارتبط بها وصولا حتى الاستشهاد انطلاقا من موت المسيح على الصليب وبعده اضطهاد تلاميذه ورسله. فسحابة الشهداء ما زالت مضيئة في الكنيسة الى يومنا هذا وهم يتشفعون لدى المسيح لأجلنا. اذا كانت الديا،ة المسيحية ترتكز على المحبة فالموت في سبيلها هو قمة المحبة والبذل. الاستشهاد ليس مجرد سفك دماء ولا مجرد اعتراف شفهي بالمسيح لكنه ممارسة كمال المحبة. فالشهداء قبلوا الآلام والموت اللذين هما علامة الشراكة الحقيقية التي تربطهم بالسيد المسيح الذي تألم ومات لأجل ان يهبنا الحياة والحياة وافرة. شهداؤنا الذين نحتفل اليوم بالصلاة لراحة نفوسهم هم مسيحيون آمنوا بقضية وجود لبنان العيش المشترك، وطن القداسة والحرية، وطن السلام.” وسأل:” هل استشهدوا لكي نصل الى ما وصلنا اليه؟ استشهدوا لكي نبقى في أرضنا مشرذمين حاقدين؟ استشهدوا لكي نبقى في ارضنا مهمشين بلا كرامة؟ استشهدوا كي نبقى في هذا الوطن، وطن اللامساواة في الحقوق والواجبات؟ استشهدوا لكي نبقى في هذا الوطن نعاني البطالة والفقر والعوز والهجرة؟ استشهدوا كي نبقى في هذا الوطن أزلاما لقوى محلية واجنبية؟ استشهدوا كي نبقى في هذا الوطن المفلس ماديا وأخلاقيا ودينيا؟ استشهدوا كي نبقى في هذا الوطن مع بعض شركائنا الذين سلبوا منا ومن الدولة قرار الحرب والسلم في لبنان؟ استشهدوا كي تنتقص حقوقنا المدنية والسياسية؟ استشهدوا كي ندفع نحن المسيحيون الضرائب دون سوانا من اخواننا في الوطن؟ استشهدوا كي نبقى في وطن الصفقات الكبيرة والرشوة والسمسرات والسرقة؟ استشهدوا كي نبقى في وطن لا يحق لنا التوظيف الا اذا كنا أزلاما لجهة سياسية دون سواها؟ استشهدوا كي نبقى في وطن البقرة الحلوب التي جف حليبها؟ لا، لا وألف لا ، استشهدوا كي نكمل المسيرة ، مسيرة المقاومة بايمان ثابت وافكار نقية صادقة في الجهاد الكامل ضد الفساد والهيمنة والحقد السياسي والانقسام والسرقة وسلب القرارات ، كي نكمل مسيرة قضية وجودنا المسيحي بكل كرامة ومساواة في الحقوق والواجبات ومحاسبة الفاسدين من سياسيين وغيرهم من الذين يتغنون بالنزاهة ونعرف من هم وما يمثلون من نزاهة وصدق وخدمة.”

وختم:”صليبك ربي يسوع الذي به أبطلت الموت ووهبتنا الحياة والحياة وافرة، الذي به اعطيت القوة لشهدائنا، شهداء المقاومة اللبنانية الذين ماتوا حبا بك وبوطنهم وبكنيستهم. ليكن ربي صليبك ربي بشفاعة امنا العذراء مريم وشهدائنا القديسين سورا يحمي وطننا لبنان وينبوعا للسلام والأمان في وطننا الحبيب وفي العالم كله.”

كلمات

وبعد القداس اقيم حفل تخلله القاء كلمات وافتتح بالنشيد الوطني اللبناني ونشيد حزب القوات اللبنانية وتخللته اناشيد المقاومة اللبنانية وألقى نسيب شاهين كلمة أهالي الشهداء فعدد فيها اسماء الشهداء الأربعة عشر الذين وضعت صورهم بجانب المذبح وقد تقدمت مجموعة من أطفال البلدة حيث وضع كل منهم وردة على صورة كل شهيد. وتلا شاهين رسالة باسم كل شهيد عن الوطن والاهل والابناء والمقاومة مؤكدا ان تضحياتهم لن تذهب سدى ما دام هناك من يحمل المشعل ويتسلح بالإيمان.

وختمها برسالة من شهيد الجمهورية الرئيس بشير الجميل، حيث قال: “اعتقدوا انهم باغتيالي يقضون على المقاومة والحلم بالجمهورية القوية. ولم يتيقنوا ان الحلم باق في كل مقاوم لتحقيق مشروع ال ١٠٤٥٢ كلم٢.”

كرم

ثم القى منسق منطقة البترون في القوات اللبنانية الياس كرم الذي “شكر المونسنيور بطرس على ترؤس القداس ورئيس مركز كفرعبيدا جان شاهين والرفاق وجهاز الشهداء والمصابين والاسرى على الجهود التي بذلت لتنظيم الحفل.”

وقال: “إنها ذكرى لكن ليست بالتأكيد لنتذكر شهداء كفرعبيدا، شهدا كفرعبيدا هم ككل شهداء المقاومة اللبنانية لا نستطيع نسيانهم ولا يمكن أن ننساهم لأننا نراهم كل يوم، نراهم في وجوه اماتهم وآبائهم وعائلاتهم وأولادهم ورفاقهم وفي وجه كل فرد منكم وبالتأكيد لولا شهدائنا لما كنا هنا اليوم.”

واضاف: “إحياء الذكرى اليوم هو لكي نتذكر سبب استشهادهم والدافع الذي كان وراء تركهم منازلهم وعائلاتهم من دون التأكد من إمكانية العودة أو عدمها.”

وقال:” إنه وسام على صدرك كفرعبيدا أن يستشهد أولادك على أرضك فهم منذ تلك الايام كانوا مدركين أن خسارة أي ضيعة مهما كانت بعيدة هي خسارة كفرعبيدا وبهذه الروحية والتزاما بلبنان القضية وبدون اي أنانية قدموا أرواحهم على مذبح الوطن وجعلوا من اسم كفرعبيدا قوة ترعب الأعداء في زمن الحرب وصولا الى زمن الاحتلالات يوم ثبتوا فيك أسوأ مراكز لمخابراتهم وحتى في وقت السلم بقي اسمك يرعبهم فسجنوا شبابك وهجروهم ولم يسلم من ظلمهم حتى بناتك لكن في النهاية هم رحلوا وأنت يا كفرعبيدا صمدت وبقيت وبقي لبنان.”

وتوجه الى الحضور بالقول: “عندما نتكلم عن الشهداء فلا نقصد تلاوة ابيات شعرية بل نحن على يقين ان دور الشهداء لم يكن مفصليا فحسب بل كان الاساس في الحفاظ على لبنان ال 10452 كم2. الملاحم التي كتبوها هم ورفاقهم كانت الدافع ان قسما من شعبنا بقي محافظا على ايمانه بهذا الوطن. وما زلنا حتى اليوم نواجه شتى محاولات الإلغاء والتحجيم من قبل البعض بهدف دفعنا للتخلي عن إيماننا . حولوا بلدنا الى بلد الفساد والسرقة “على عينك يا تاجر” ، بلد بدون فرص عمل، بلد الاستزلام والتبعية، بلد قمع الحريات، بلد عادت اليه قصة اختفاء مواطن ولا أحد يسأل .”

وختم: “من أجل كل ذلك نحن اليوم نتذكر اكثر واكثر حجم تضحيات شهدائنا ورفاقهم والظروف التي كانوا فيها ونقول ان لبنان الذي استشهدوا من اجله، ومهما قل الوفاء ومهما كثر التجار وحفارو القبور وسارقو التاريخ لا خوف عليه طالما هناك قوات لبنانية.”

سعد

وكانت كلمة للنائب فادي سعد استهلها مشيرا الى صورة الشيخ بشير الجميل والدكتور سمير جعجع وقال : “هذه الصورة بالغة التعبير” . ثم اشار الى صور الشهداء الأربعة عشر وقال وهذه الصورة ايضا معبرة اكثر واكثر وفوق كل صورة يرتفع مشعل. لأن كل صورة منها هي حقا مشعل، مشعل حرية، ومشعل يضيء ليالينا ومشل يذكرنا في حال قاربنا اليأس ان علينا الا نيأس ابدا، لانه مهما زاد الضغط علينا اليوم لن يكون بالقدر الذي واجهه الشهداء. ومهما ضحينا اليوم لن نبلغ مستوى تضحياتهم. انظروا الى وجوههم الى عيونهم، فالأكيد ان كفرعبيدا فيها الكثير من الروعة. بلدة هانئة جارة البحر، خلابة الطبيعة والموقع. لكن كل هذه الصفات تبهت أمام جمال وعظمة تضحيات الشهداء. وكفرعبيدا وأهل كفرعبيدا أبوا إلا ان تكون بلدتهم بلدة الشهداء”.

وتابع: هؤلاء الشهداء الأربعة عشر وسموا البلدة بشهادتهم ولونوا طبيعتها بتضحياتهم، وحبذا لو ظلوا بيننا وأبقينا لها تسمية ضيعة البحر أو درة الطبيعة، ونحن وإياهم وانتم نسميها معا ما شئتم. حبذا لو ظلوا بيننا وربى الآباء منهم اولادهم ورافقوهم في مراحل عمرهم. لكنهم لم يرتضوا الذل وفضلوا التضحية بحياتهم والتخلي عن متعة الحياة مع العائلة، وتعلمون كم هي عظيمة وجليلة هذه الرسالة، وذلك كله من أجل كفرعبيدا ومن أجل لبنان.

هؤلاء الشهداء من نحتفل بذكراهم اليوم، ذهبوا حيث دعاهم الواجب، توزعوا على كل ضيعة وجبهة في لبنان دفاعا عن الوطن والحق والناس. أكيد ما راحوا… استشهدوا بس ماراحوا. لا هني راحوا ولا لبنان راح ولا نحنا رح نروح طالما هناك قضية ومشعل مضاء وابطال أمثالكم يحملون هذه القضية وذاك المشعل بصلابة وإيمان. وطالما لم ينس ولن ينسى اي منا تضحيات الشهداء وكم ضحوا وبماذا ضحوا، نعلم كم هو لبنان غال عليهم وعلينا. ولذلك نقول من هنا وبهذه المناسبة لكل من يحاول تغيير صورة وميزة لبنان، الا يحاول والا يتعب نفسه. فنحن ليس لنا فقط ١٤ شهيدا نحن قوم لهم ١٤ الف شهيد في سبيل ان يبقى لبنان وان يبقى أرض الحرية والعنفوان. وكلنا مستعدون ان نكون مشاريع شهداء على خطى من سبقونا وذلك في سبيل لبنان الكرامة والعزة والعدالة.”

وتابع: الأكيد ان هؤلاد الشباب لم يستشهدوا لنصل الى ما هو عليه لبنان اليوم لبنان الفساد والبطالة والنفايات والطرقات السيئة وانعدام البنى التحتية وتفشي السرقة والغش والعمالة، العمالة على انواعها. فحتى العمالة بات علينا ان نعطيها مفهوما موجها. العمالة عمالة يا اخوان. فكل من يتعامل مع الغريب ضد بلده هو عميل. وبهذا المعنى فهمكن كفاية بيطلع في كتير عملا بهالبلد ويحسبون انفسهم ابطالا. يعتقدون انهم بذلك يستطيعون مواجه السياسة او يديرونها لا سمح الله. ولهؤلاء اقول لا تتعبوا انفسكم ولا تحاولون ما دام هناك شهداء يسهرون علينا من عليائهم وحراس لا ينعسون. ونحن حتى لو شئنا لا نستطيع ان نكون على غير هذه الصورة، ولو استطعنا لا نكون عندها قوات. ولا شك في انه صعب ان تكون قوات. لأننا نحمل إرثا كبيرا إرث الشهداء وتضحياتهم، نحمل نظرات امهاتهم. وانا كان لي شرف ان ارافق العديد من هؤلا الشهداء والمصابين العشرات بل المئات منهم ولم انسهم وطبعا لن انساهم ولا انسى عيونهم ولا أساميهم ولا همتهم ولا ايمانهم، ولا بأي عزيمة كانوا يندفعون الى الجبهات. وكل واحد منهم يعلم انه ربما لن يعود، وحتى الذين عادوا عادوا صدفة من فم التنين. ومن لم يوعدوا حاضرون ابدا بيننا، نرى صورهم في وجوه ابنائهم واهلهم ورفاقهم، في وجه كل واحد منكم انتم المناضلون الشرفاء، حتى اسماؤهم تتكرر بأسماء كل واحد منكم انتم حملة المشاعل المستمرون. فكل واحد منكم خلد ذكرهم بطريقة ما، لأن لا نحن ولا اهل كفرعبيدا ولا القوات اللبنانية يمكن ان ينسى هؤلاء الشهداء فدمهم غال علينا وشهادتهم إرثنا ولذلك حملنا كبير.”

واضاف:” وفاء لهم لا نساوم على المبادئ ولا نتهاون في المسلمات، فنتهم بالمعارضة والمشاكسة، علما اننا لا نعارض لمجرد المعارضة إنما وفاء لشهادتهم لأننا نعتبر انفسنا من بعدهم حراس الهيكل وحماة الوطن. ولأننا نعمل لبناء دولة فعلية لأولادنا، دولة عادلة من دون فساد يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات وتؤمن مستقبل أبنائها. وأقله حرية تجول ابنائها على أرضهم وليس كما يحصل دائما وحصل مؤخرا لأبن البترون المخطوف جوزف حنوش من جهة معروفة وبمنطقة محددة منذ اكثر من اسبوعين ولليوم نناشد القوى الأمنية تحريره حيث تحركت أمس من دون النجاح في اعادته الى عائلته واهله.”

وختم:” من هذا المنطلق لن نستكين ولن نسكت قبل ان نحقق مشروعنا وأن يصبح لبنان دولة تشبهنا، ولبنان لا يمكن ان يكون الا دولة تشبهنا مهما طال الزمن. واكرر القول إن سلاحنا هو إيماننا وشهداؤنا وأبناؤهم واهلهم وكل هذه التضحات المتراكمة. ومن لديه هكذا سلاح ابواب الجحيم لن تقوى عليه مهما طال الزمن. لأن تحقيق ذلك قد يطول ويبدو ان الوضع الحالي مستمر والحل غير قريب، ولكننا لن نتعب ولن نيأس كما لم يتعب ولم ييأس الشهداء.”